لا أدري كيف يفرق البعض بشكل لا منطق فيه، بين الإرهاب في لندن والإرهاب في العراق أو الرياضوجدة والخبر! أفهم أن يكون التفريق عائداً إلى أثر الوطنية، فأقول وأنا السعودي إن الإرهاب في السعودية يؤذيني أكثر مما يؤذيني الإرهاب في لندن أو نيويورك أو دلهي، استناداً إلى أن الأقربين أولى بالمعروف والألم والإحساس، والأبعدين بالعكس بطبيعة الحال والأشياء. لكني بتُ أسمع نبرة غريبة يقول أصحابها بأننا ضد الإرهاب الذي يحدث في السعودية، لكننا مع الجهاديين في العراق ! ولا يدري أصحاب هذا الرأي الذي أرجو أن يعذروني في تسميته بالرأي الساذج بأن رابطاً فكرياً وتنظيمياً قوياً يربط الاثنين ببعضهما أكثر من وشائج القربى. يقود الإرهاب في العراق على سبيل المثال أبو مصعب الزرقاوي، وقد عين الزرقاوي رئيساً لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بمرسوم بن لادني، بناءً على ما رفعه الظواهري إلى قائد الإرهاب وزعيم التدمير في العالم! وقد نعى الزرقاوي عبدالله الرشود أحد أهم المطلوبين ضمن قوائم الإرهاب في السعودية، سواء كان ما قاله الزرقاوي صدقاً من أن الرشود قُتل في العراق، أو تغطية لكون صحبه قتلوه لخلاف بين التنظيم الإرهابي في السعودية، وجاء إعلان الزرقاوي لتحسين سوء الصورة. يوسف العييري كان أحد أهم المدربين والمنظمين للقاعدة في السعودية، وعندما حاصره رجال الأمن السعوديون، قال لهم خلوا سبيلي لأذهب إلى العراق، فهل كان سيذهب ليذوق تمر النخيل العراقي، أم ليساعد العجزة والأرامل والمعوزين هناك على نوائب الدهر! كان سيذهب ليكون زرقاوياً آخر، لكنه أراد أن يذهب على جثث رجال الأمن السعوديين، فألقى قنابل يدوية ذهبت بروح أحد الجنود حتى قُتل. أبو محمد المقدسي، أو عصام برقاوي، المنظر الفكري الأول للإرهاب القاعدي في المنطقة، والذي أطلقته السلطات الأردنية ثم أعادت اعتقاله بعد ظهوره في مقابلة على قناة الجزيرة، كان المرجع الفكري والتنظيري لأولئك الذين فجروا في العليا في النصف الثاني من التسعينات، بعد أن رضعوا أفكاره ونشراته وتكفيره للدولة السعودية وللشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله. المقدسي، وهو شيخ الزرقاوي، وإمامه وقائده، كان الأسبوع قبل الماضي يرفض قتل الزرقاوي للشيعة والمدنيين، ويقول بأن الوقت لقتال الأميركيين. لكن هذا الخلاف تكتيكي، سيكرر ما حدث مع القاعدة في السعودية، حيث سينتقل الهدف من النصارى الأميركيين إلى المسلمين والعرب، لسبب واحد، هو أن الإرهاب أعمى، وشهوة القتل إذا تمكنت لم تفرق بين قريب وبعيد. عندها فقط تتمكن من العقل رغبة الإلغاء وتحضر لغة القتل والتدمير والخراب والأشلاء أعاذنا الله وإياكم منها. [email protected]