ناقشت لجنة التعاون البترولي بدول مجلس التعاون الخليجي الأسبوع الماضي توحيد أسعار المشتقات البترولية في دولها لما له من أهميه بالغة، حيث قال وزير البترول على النعيمي مازالت العملية تحت النظر، ولكن ليس هناك أي اعتراضات من أي دولة، مما يشير إلى التوافق فيما بينهم على توحيد أسعار الوقود أو بتباينات سعرية بسيطة ستحددها نتائج الدراسة الحاليه. هكذا يبدو أن توحيد تلك الأسعار ليس بالمستحيل ولكن اختلاف السياسات الاقتصادية والمالية وكذلك القدرات الإنتاجية والتصديرية في هذه الدول لن يجعل ذلك الأمر سهلاً. فقد ارتفع إنتاج السعودية، الكويت، الامارات من المشتقات البترولية (إجمالي المنتجات النفطية المنتجة من مدخلات المصفاة في فترة زمنية معينة، باستثناء وقود المصفاة) إلى 1.93 مليون، 1.06 مليون، 454.3 الف برميل يومياً على التوالي في 2012 مقارنة بعام 2008 أو بالنسب التاليه: 0.8%، 5%، 15%، بينما تراجع إنتاج قطر بنسبة 3% إلى 122.7 ألف برميل يوميا، مما انعكس ايجابياً على حجم صادراتها من المنتجات البترولية (شامل المنتجات من مصانع الغاز ويستثنى منها المنتجات المحصنة) لتتصدر المجموعه الخليجية، حيث بلغت صادرات السعودية، الكويت، الامارات، قطر (يشمل تغييرات في كمية النفط في بلدان العبور) 862، 661، 225، 465 ألف برميل يومياً على التوالي في 2012، كما جاء في النشرة الإحصائية السنوية للأوبك لعام 2013. كما أن معظم تلك الصادرات تجد لها حصة كبيرة في الأسواق الآسيوية وبنسبة بسيطة في أسواق الشرق الأوسط. وبتحليل بسيط لأسعار البيع بالتجزئة للمشتقات النفطية لتلك الدول في عام 2012، يتضح لنا تقارب سعر البنزين بين الكويت (39.5 دولارا) وقطر (39 دولارا) أي بفارق نصف دولار فقط للبرميل، بينما سعر برميل الديزل في كلاهما 30.3 و30.2 دولارا. هنا لا نجد أي مشكله في التوافق على الأسعار بين البلدين ولكن نجد تبايناً واضحاً بين السعودية والامارات وكذلك بينهما والكويت وقطر من ناحية أخرى، حيث بلغ سعر برميل البنزين في السعودية 22.3 دولارا وفي الامارات 59.5 دولارا، بينما التباين الأعلى في سعر برميل الديزل الذي بلغ 10.6 دولارات في السعودية و 81.9 دولاراً في الامارات. كما أن سعر برميل الكيروسين في السعوديه بلغ 18.4 دولارا، بينما في الكويت 30.3 دولاراً. فإن تسوية هذه التباينات في الأسعار بين تلك الدول لن يكون سهلاً لاختلاف الكميات المنتجة والمصدرة بينهم وكذلك التباين الواضح في الأسعار بين السعوديه والإمارات ودول الاخرى في مجلس التعاون الخليجي. كما أن تدني أسعار المشتقات البترولية في السعودية قد حفز عمليات تهريب تلك المشتقات من السعودية إلى دول أخرى، مما انعكس سلبياً على دعم الدوله للوقود وسد الفجوة بين الطلب المحلي والمعروض ودفع شركة أرامكو الى استيراد كميات من البنزين نحو 110 آلاف برميل يومياً و295 ألف برميل من الديزل لسنوات متتالية، لتغطية أوقات صيانة مصافيها أو إرتفاع الاستهلاك في ذروة الصيف. فإن حل معادلة الأسعار سيكون بين الأسعار المنخفضة في السعودية والمرتفعة في الامارات وقريبا من متوسط أسعار في الكويت وقطر. فبناء على ذلك يكون السيناريو الأول أن تخفض الامارات أسعارها إلى مستوى أسعار الكويت وقطر، بينما ترفع السعودية أسعارها إلى نفس المستوى ولكن هذا غير محتمل بالنسبة للسعودية في المنظور القريب قبل توفر وسائل النقل العام ولا للإمارات التي ستخسر عائدا كبيرا من تلك الفروقات في الأسعار. أما السيناريو الثاني أن ترفع السعودية والكويت وقطر أسعارها إلى مستوى أسعار الامارات وهذا غير ممكن بدون أن يترتب عليه أضرار اقتصادية كبيرة. أما السيناريو الثالث والمحتمل أن ترفع السعودية أسعارها إلى مستوى الكويت وقطر وتخفض الامارات أسعارها إلى نفس المستوى وتحصل الامارات ضريبة على مبيعاتها على أساس هذه الأسعار المتفق عليها، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً مستقبلياً.