اشتكى عدد من المرضى المراجعين في "قسم الطوارئ" من الانتظار الطويل، مرجعين السبب إلى نقص الأسرّة في تلك المستشفيات، مؤكدين على أن لذلك تأثيراً سلبياً على حالتهم الصحية، موضحين أن المرضى الذين يلجأون إلى "أقسام الطوارئ" في المستشفيات يكونون بحاجة إلى الرعاية الطبية والتدخل السريع، لا سيما من كان يحمل منهم مرضاً مزمناً، مطالبين وزارة الصحة بالتدخل لحل أزمة الانتظار والازدحام. ويُخطئ كثيراً من المرضى في الذهاب إلى قسم الطوارئ، خاصةً في بعض الحالات البسيطة، متوقعين أنه سوف يتم الكشف عليهم وفحصهم وإعطائهم العلاج بأسرع وقت، وهو ما ساهم في زيادة العبء على تلك الأقسام، وهنا لابد من زيادة الوعي عبر نشر ثقافة "متى تحتاج إلى قسم الطوارئ؟". ومهما كانت الأسباب فإن الحاجة تتطلب زيادة عدد المستشفيات، وكذلك أقسام الطوارئ، إضافةً إلى زيادة عدد الكوادر الطبية المتخصصة، كما أنه من المهم الاعتناء بالمراكز الصحية الأولية، التي فقدت الثقة من قبل المرضى، نظراً لتواضع إمكاناتها، وهو ما أسهم في توجه الكثير إلى "أقسام الطوارئ"، ولو كانت هناك مراكز أولية جيدة لساهم ذلك في تخفيف أعداد المراجعين على المستشفيات، كما أن ذلك من شأنه تقديم عمل مُنظّم. لماذا الانتظار؟ في البداية شكت "رحمة الشهري" من عدم استقبال ابنتها كحالة مرضية تستدعي العلاج الفوري، وبقاءها منتظرة لمدة طويلة، على الرغم من معاناتها من مرض "الأنيميا"، مما أدى إلى تدهور حالتها الصحية، واستدعاء دخولها إلى "التنويم" فيما بعد، مؤكدةً على أن ذلك حدث بعد تكرار مجيئها للطوارئ لمدة طويلة دون جدوى، متسائلةً: لماذا الانتظار؟، مطالبة بضرورة مراعاة الحالات الطبية المستعجلة كمرضى "الأنيميا". وأرجع "محسن الهاجري" سبب الانتظار الطويل الذي يعاني منه المرضى في طوارئ المستشفيات إلى نقص عدد الأسرة، مما أدى إلى استقبال بعض الحالات الصعبة خارج غرف الطوارئ، وإبقائهم قيد الانتظار في الممرات وأمام غرف المعالجة السريعة!. زيادة آلام وقالت "سامية القرني": ألاحظ في كل مرة أتردد فيها على قسم الطوارئ في المستشفى سواء كنت المريضة أو أحد أفراد أسرتي وجود ضغط كبير من قبل المرضى، حيث يستلزم دخول المريض فترة طويلة بعد المعاينة الأولية، وقد تزيد الفترة عن الساعتين مما يؤدي إلى سوء حالات المرضى وزيادة آلامهم، لا سيما إذا كان المريض كبيراً في السن، مضيفةً أن مرضى "الأنيميا" هم الأكثر تردداً على قسم الطوارئ في المستشفيات، ومع ذلك لا يحظون غالبا بالرعاية العاجلة والسريعة إلاّ في حال كانت حالاتهم متأخرة ويحتاجون إلى نقل دم، مشيرةً إلى أن هذا يترتب عليه زيادة آلامهم، مطالبةً بضرورة تقسيم طوارئ المرضى بحيث يتم تخصيص أقسام لأصحاب الحالات المرضية المزمنة عن غيرهم. مفهوم خاطئ وعزا "د.محمد بن عبدالله الفيفي" -استشاري طب الأطفال وطب الطوارئ في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث- المسألة إلى غياب ثقافة طب الطوارئ عند المرضى، حيث لا توجد ثقافة حول متى أحتاج إلى قسم الطوارئ؟، مضيفاً أن معظم المرضى خاصةً الحالات البسيطة التي لا تحتاج الى الذهاب إلى قسم الطوارئ يذهبون هناك لاعتقادهم أنه سوف يتم الكشف عليهم وفحصهم وإعطائهم العلاج بأسرع وقت، وبالتالي لا يحتاجون إلى الذهاب إلى المراكز الصحية والانتظار، مؤكداً على أن هذا المفهوم السائد لدى المرضى هو ما يسبب الازدحام الشديد، وبالتالي زيادة العبء على أقسام الطوارئ في المستشفيات، وكذلك ملأ الأسرة بحالات غير طارئة، مما قد يؤدي إلى التأخر في متابعة الحالات الطارئة والمستعجلة، التي تحتاج إلى سرعة اتخاذ القرار، مشيراً إلى أنه نتيجة لهذا التأخير يكون هنالك تدهور في بعض الحالات، وبالتالي تذمر وضيق من المرضى وذويهم، مما يؤدي أحياناً إلى الكثير من المشاكل في أقسام الطوارئ. حالات مستعجلة وطالب "د.الفيفي" المراجعين لأقسام الطوارئ في المستشفيات بحصر مراجعتهم في الحالات الطارئة فقط، والتي لا يمكن تأجيلها، مع إعطاء فرصة لمتابعة الحالات الطارئة والمستعجلة والحرجة ك"التشنجات الحادة"، أو "النزلة المعوية الشديدة"، أو "الالتهابات الجرثومية الشديدة" التي قد تؤدي إلى جفاف شديد، أو حالات الاصابات والحوادث الخطيرة التي قد تؤدي أحياناً الى الوفاة أو فقدان عضو حيوي في الجسم، خاصةً إذا تم التأخير في مباشرة علاجها ومتابعتها، مؤكداً على أن بعض المرضى الذين يعانون من حالات مرضية مزمنة وليست طارئة أو حرجة يفضلون مراجعة قسم الطوارئ حتى يتم طلب الطبيب المختص لهم، وبالتالي يحجزون سريراً قد يحتاجه مريض حالته حرجة. طبيب مباشر وانتقد "د.الفيفي" بعض الأطباء الاستشاريين الذين يطلبون من مرضاهم مراجعة قسم الطوارئ عند أي عارض صحي، إذ كان من الأولى إبلاغهم بالتواصل مع أطبائهم المباشرين، أو من ينوب عنهم عند حدوث أي عارض، مستثنياً من ذلك إذا كانت الحالة خطيرة أو حرجة فعلاً، مؤكداً على أن هذا النظام هو النظام المعمول به، وهو مباشرة الطبيب المختص أو التواصل مع المنسق المسؤول، مبدياً أسفه مما يحدث من سوء فهم من بعض المرضى، حيث يحضرون إلى قسم الطوارئ ويذكرون أن طبيبهم المباشر طلب منهم مراجعة قسم الطوارئ، مرجعاً عزوف بعض المرضى عن مراجعة المراكز الصحية الأولية إلى فقدانهم الثقة في بعض هذه المراكز، وذلك لتواضع إمكاناتها من حيث وجود الكفاءات الطبية المؤهلة من أطباء وتمريض، إضافةً إلى عدم وجود البنية التحتية المتكاملة كالأجهزة الطبية وغيرها. ودعا الجهات المعنية إلى ضرورة الاهتمام بهذه المراكز ودعمها بالطاقات المؤهلة من أطباء وتمريض وتجهيزات طبية متكاملة، وكذلك زيادة الوعي عبر نشر ثقافة حاجة المريض إلى أقسام الطوارئ في مختلف أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. زيادة مستشفيات وأكد "د.الفيفي" على أن الحاجة تتطلب زيادة عدد المستشفيات، وبالتالي أقسام الطوارئ، التي تحتاج الى زيادة في عدد الأطباء المتخصصين في هذا المجال، مضيفاً أن ذلك هو ما تسبب في وجود معاناة كبيرة؛ بسبب قلة الكوادر الطبية المتخصصة في طب الطوارئ، مُعللاً سبب ذلك بعزوف العديد من الأطباء عن هذا التخصص؛ بسبب ما يعانيه طبيب الطوارئ من تغير مستمر في ساعات العمل وذلك على مدار الساعة، مما يؤدي الى إجهاد وإرهاق نفسي وجسدي، ثم التأثير على وضع الطبيب المتخصص اجتماعياً مع أسرته، إضافةً إلى ما يعانيه بعض المرضى وذووهم عند ازدحام قسم الطوارئ، مؤكداً على أنه لا يوجد مردود مالي وبدلات مشجعة للأطباء المستجدين في الالتحاق بهذا التخصص الدقيق، كطبيعة عمل وبدل خطر وسوء معاملة. مراجعون داخل قسم الطوارئ ينتظرون سريراً شاغراً د.محمد العريفي