في الوقت الذي سجلت اسعار النفط ارتفاعات كبيرة الفترة الاخيرة تعمل الدول المنتجة حاليا وفق أقصى طاقاتها الانتاجية، من خلال متابعتها الدائمة للأسواق وقوى العرض والطلب السائدة للتأكد من أن الاسواق متوازنة والامدادات جيدة ولا حاجة للمزيد، ولا يوجد مخاطر كبيرة على الامدادات. وقال تقرير شركة نفط الهلال ان الدول المنتجة وفي مقدمتها المملكة تحاول مؤخرا سد النقص الحاصل نتيجة توقف غالبية انتاج النفط الليبي . في المقابل لم تسجل أسواق النفط والغاز على المستوى العالمي اتفاقا بين المنتجين والمستوردين، وبقي الخلاف قائما على مستوى حجم الامدادات والاسعار واسباب الارتفاع وسبل الحل. هذا وتركز الدول المستوردة على عوامل خفض التكاليف وخفض ارتفاع أسعار النفط والغاز بشكل دائم، بالإضافة إلى دعوة الدول المنتجة إلى بذل المزيد من الجهود والاستثمارات لتطوير قدراتها الانتاجية ودعم قوى الطلب والعمل على خفض الاسعار كلما ارتفعت. وتستهدف هذه الدول من ذلك، دعم أنشطتها الاقتصادية والانتاجية ودعم مؤشرات الاستقرار، ذلك أن أسعار النفط المرتفعة ستؤثر سلبا على اقتصادياتهم وبالتالي تعمل تلك الدول على تجنب الدخول في حالة من الركود على النشاط الاقتصادي، ووصلت أسعار النفط إلى 117 دولارا للبرميل خلال الايام القليلة الماضية نتيجة التوترات الجيوسياسية التي سادت المنطقة.وتعتمد أسعار النفط خلال العام الحالي على حزمة من العوامل الداعمة لبقائها فوق 100 دولار للبرميل، يأتي في مقدمتها ارتباط الاسعار بمستوى جيد من المعروض ومتزايد على الطلب. بالإضافة إلى توازن مستوى المخزون الاستراتيجي لدى الدول الكبرى المستهلكة وعدم حدوث نقص اوارتفاع مفاجئ، في حين استمر مؤشر النمو للاقتصاد العالمي ضمن حدوده الايجابية المتوقعة، وبالتالي فان عدالة الاسعار يمكن النظر اليها بإيجابية عندما تنسجم مع معدلات النمو التي تسجلها اقتصاديات الدول والعالم، فالأسعار المرتفعة ليست هدفا بحد ذاته للدول المنتجة.في حين يشكل الطلب المتزايد على النفط من قبل دول العالم اجمع احد اهم العوامل التي تعمل على رفع اسعاره بشكل دائم، على الرغم من بقاء مستوى المعروض لدى الاسواق عند حدود آمنة.وتتذبذب اسعار النفط نتيجة عوامل سياسية ومناخية واضطرابات هنا وهناك ومضاربات، إلا ان هذه التذبذبات تأخذ صفة آنية في التأثير سرعان ما تتلاشى، في حين تبقى المؤثرات الرئيسية في كافة الظروف. وتأتي حالة الاستقرار النسبي التي تسجلها أسعار النفط في الوقت الحالي إذا ما تم إهمال التأثيرات الآنية، نتيجة وجود حالة من تبادل غير معلن للأدوار بين المنتجين من أعضاء أوبك وبين المنتجين من خارجها، بحيث إذا تم تسجيل تراجع على حجم الانتاج من قبل أعضاء أوبك فإن الاسواق تعوض النقص من المنتجين من خارج المنظمة. ومن شأن استمرار ذلك دعم حالة الاستقرار وعدم تسجيل تباينات وتذبذبات بنطاقات مرتفعة لدى أسواق الطاقة، في حين سيساهم بقاء اسعار النفط ما فوق 100 دولار للبرميل ميزانيات الدول المنتجة ويؤشر إلى إمكانية تواصل الاستثمارات لدى قطاعات الطاقة التقليدية والمتجددة، بالإضافة إلى مؤشرات إيجابية على استمرار الانفاق على مشاريع التنمية والبنى التحتية. وفي المحصلة قال التقرير انه من المؤكد أن استقرار أسواق النفط لن يتحقق إذا ما استمر التباين بين الاطراف ذات العلاقة بالإنتاج والاستهلاك، فالعلاقة متداخلة ومتشابكة. وبالتالي لا بد لكل طرف من إنجاز كل ما من شأنه الحفاظ على استقرار الطلب وضبط الاستهلاك، في حين سيكون لزاما على الاطراف المنتجة تقديم كل ما من شأنه الحفاظ على مستوى جيد من المعروض والاضطلاع بدور قيادي في دعم معدلات النمو للاقتصاد العالمي دون تأثير ذلك على الاسعار العادلة للنفط وفق تقييم تلك الدول.