عند الحديث عن قامة وشخصية عظيمة غيرت مجرى التاريخ كشخصية المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – فان الكلمات تتضاءل في تناول ذلك وتقصُر .. بل وتحتار من أين تبدأ .. وذلك لكونه قد حيّر الكتاب والمفكرين والأدباء بما توفر لديه من جوانب شخصية واجتماعية ودينية وسياسية يصعب تناولها بشيء من البحث والتقصي ففي كل فترة تطالعنا المكتبات بالعديد من المؤلفات عن هذه الشخصية التي أثرت في مجتمعه وكل من رآه رأي العين أو سمع به .. والحقيقة أنه لا يمكن بحال من الأحوال تقصي تلك الشخصية التي لا يمل الحديث عنها مهما طال أو كثر .. ولا أدل من ذلك تجشم كبار الكتاب والمفكرين والأدباء والمؤلفين عناء السفر وقطع الفيافي والقفار سواءً من العرب والمسلمين أو المفكرين الغربيين أو المستشرقين الذين جاؤوا ليخطبوا وده واستماتوا في سبيل صحبته سواءً في سفره وترحاله الذي أبهرهم بشجاعته وكرمه ولين طباعه .. فكان لهم ما أرادوا لما عرف من كرم أصله ونفيس معدنه ، وقد عرفوا أنه لا يرد طلب طالب فكان لهم شرف الصحبة الطيبة المباركة فكانت صحبتهم عيداً لهم وبشرى ، وقد أعقب ذلك تأليف عدد من المؤلفات العظيمة التي غطت جزءاً يسيراً من حياته العظيمة. وليام شكسبير يصف الملك عبدالعزيز بأنه (صريح، ومتفتح) أشهر الكتاب .. ودعوة الملك عبدالعزيز له للإسلام.. عند الحديث عن الكتاب والمستشرقين الغربيين لابد أن يكون في مقدمتهم (سانت جون فيلبي) الذي ولد لأبوين انجليزيين عام 1885م في - سانت جون - بسيلان - سريلانكا اليوم - بعد اكمال الملك عبدالعزيز توحيد الحجاز، أسس - جون فيلبي في - جدة - شركة تجارية، واستورد سيارات وتاجر بها، وتعرف عن قرب على الملك عبدالعزيز ، فدعاه عام 1924م الى الإسلام ، فبدأ في دراسته ، معترفاً بأن الملك عبدالعزيز لم يحاول الضغط عليه، وتركه لضميره وقناعته، وانتهى بعد تفكير وتأمل الى اعتناقه عام 1930م . وقد شارك في عقد لشركة ماركوني لنصب محطات اتصالات في المملكة، وشارك في الترتيبات التي حصلت فيها الشركة الامريكية على امتياز البترول في المنطقة الشرقية من المملكة عام 1352هجرية - 1933م وقام بين 1950-1953م برحلات استكشافية في الجزيرة العربية ، واستحق ان ينقش على قبره بعد دفنه في بيروت عام 1960م " هذا أعظم مكتشفي جزيرة العرب" كما كتب عنه علامة الجزيرة حمد الجاسر " أنه اسدى للجزيرة العربية يدا قصر عن مدها إليها من سواه" بل إن المؤرخ الأمريكي - جورج رنتز اعتبره " مؤرخاً للمملكة العربية السعودية" فقد شملت كتاباته عن المملكة أكثر من 15 كتاباً، إضافة الى عشرات المقالات.. هارولد ديكسون يروي قصة مساعدة المؤسس لشاب محب في زواجه رحلة الكابتن وليام شكسبير إلى ابن سعود تعرف الكابتن وليام شكسبير لأول مرة على – الملك عبد العزيز - وهو في الحادي والثلاثين من عمره في زيارته للكويت، عام 1911م ، ووصفه يومها بأنه (صريح ، ومتفتح ، وبعد شيء من التحفظ وجده صادقاً ومجاملاً وكانت فرصة اثناء حفل الشيخ مبارك آل الصباح شيخ الكويت والذي حضره - ابن سعود - أن يرد بإقامة حفل دعا له - ابن سعود - وكانت الوليمة مكونة من عشاء انجليزي : لحم ضأن مشوي - مرقة النعناع - بطاطا مقلية ، وهنا قال له - ابن سعود : باعتبارك صديقاً للشيخ مبارك ، فأنت صديقي) ثم سأل - شكسبير : إن كان بإمكانه السفر إلى الرياض ورحب - ابن سعود بزيارته. الرحالة (جيرالد إيفلين ليتشمان) .. في ضيافة الملك عبدالعزيز الرحالة (جيرالد إيفلين ليتشمان) وصف الرياض وضواحيها وبساتين نخيلها خلال رحلته ورصد لقائه بالمؤسس قائلاً : أنها تمتد ميلين شمالاً وجنوباً على حافة وادي حنيفة وقد احاطت بساتين النخيل الكثيفة بمبانيها ، كما بني حولها سوراً منيعاً ، في نواحيه بوابات وشمال غربيها الطريق الرئيسي المؤدي الى مكة، والحسا وشققنا طريقنا أنا ورفيقي - صالح - من بوابة العاصمة ، حتى وصلنا لساحة فسيحة فيها سوق العاصمة، ونشاطه في ذروته وقت الظهيرة وواصلنا سيرنا بين فضول المارة الى قصر (عبدالعزيزآل سعود: أمير نجد) وأناخ جماله في ظل جدار القصر ، فيما حشود من الناس متجمعة في انتظار وصول قافلة الحج من مكة وظنت الحشود أننا مقدمة الواصلين من الحج . وجاءنا أحد رجال القصر وفرق الجموع من حولنا، وقادنا إلى نزلنا في القصر، وسأل بأدب جم عن أحوالنا ورحلتنا ، وبعد أن أديرت القهوة مراراً قادنا أحد رجال الحاشية الى قاعة تطل على السوق ، حيث استقبلنا (عبد العزيز آل سعود أمير نجد) ووصف (الملك عبد العزيز) بأنه فارع الطول في الأربعينات من عمره، ووجه يتسم بالعطف ومظاهر القوة، محافظ على أداء الصلوات جماعة في المسجد، وتعامله في غاية البساطة ، وصافحني متبسطاً، ومشيعا حولي جوا من الود، ودار الحديث حول شؤون العالم وخاصة حرب تركيا والبلقان واستمع الرحالة منه الى طريقة استعادته ملك آبائه وإلى حروبه في الجزيرة العربية لتوحيد قبائلها تحت سلطة واحدة مما شغله عن توفير أسباب الرفاهية له ولضيوفه في العاصمة، بسبب كثرة حروبه . الطبيب (بول هاريسون) .. وكرم الملك عبدالعزيز يصف الطبيب هاريسون رحلته الى الرياض ولقاءه بالملك عبد العزيز فيقول : وصلت القافلة الى الرياض وكان أول نشاط له هو لقاء ( لقاء ابن سعود) الذي رحب به قائلاً : ، طلبت حضورك ليس لأجلي أو لأجل عائلتي، بل لحاجة الناس إليك، لن يزعجك أحد، أنا أعلم أنك مسيحي ، ولكن الناس الأشراف تحترم بعضها رغم اختلاف المذاهب ، وعندما غادر (بول هارسون) قصر (ابن سعود) عرف بأنه تشّرف بمقابلة رجل عظيم متواضع ، وأن هذا الرجل هو الذي وحد الجزيرة العربية . ليوبولد فايس ( محمد أسد ) .. والطريق الى مكة (ليوبولد فايس) الذي اعتنق الاسلام وصار اسمه (محمد أسد) قال عن صداقته بالملك عبدالعزيز (نعمتُ بصداقة - ابن سعود -) والذي رأى فيه رمزاً لإسلام قويم يضع فيه كل ثقته فقضى محمد أسد 6 سنوات بين مكةالمكرمة والمدينة المنورة يدرس العربية والقرآن والحديث والتاريخ الإسلامي.من أشهر كتب (محمد أسد) سيرته الذاتية لشطر من حياته حتى عام 1932م وهو الكتاب الذي أعطاه عنوان (الطريق إلى مكة) وترجم إلى العربية بعنوان (الطريق إلى الإسلام) وترجم إلى الالمانية والى عدد من اللغات ، ويذكر في الكتاب أول لقاء مع الملك عبد العزيز سنة 1927 في مكةالمكرمة فيقول عن الملك عبدالعزيز (إنه يدعونني صديقه على الرغم من أنه ملك وأنني مجرد صحافي). الرحالة هارولد ديكسون.. ووصف الملك عبدالعزيز جاء في كتاب الرحالة هارولد ديكسون (عرب الصحراء) على مقتطفات من حياته، أظهر فيها إعجابه الكبير بموحد الجزيرة العربية، وحنكته السياسية، وصرامته في البت في الأمور : في ظروف كانت شديد التعقيد، ويروي (ديكسون) قصة لشاب من البادية أحب فتاة وأثقل أهلها عليه المهر لما طلب يدها حيث طلبوا خمساً من النوق وخمسمائة ريال مهراً وحاول تقديم هدايا لوالدتها لاستمالتها لتخفيف ثقل المهر بلا فائدة فقرر الشاب ان يشكو للملك عبدالعزيز ما يعانيه ، ويطلب مساعدته في الزواج من محبوبته التي جعله حبها يشيخ قبل أوانه ، ادرك - ابن سعود - موقف الشاب فمنحه ذلولا عمانية من أجود إبله مزودة بحلقة فضية في منخرها دلالة على اصالتها ، ثم زوده بمائتي ريال ، وعدة أثواب نسائية مزوقة وقال له : اذهب الآن يا بني وأحصل على فتاتك ، وقل لأهلها إن الملك عبد العزيز نفسه يطلب منكم هذا المعروف، وقد أرسل لكم أحسن ما لديه ، وقد تحقق للشاب ما أراد . محمد أسد ( ليوبولد فايس) جون فيلبي