الساعة السادسة صباحاً.... مثل كل يوم.. استيقظت على رنين المنبه.. بدأ يوم جديد من أيام الشقاء.. تأملت زوجي المستغرق في نومه العميق.. متدثراً بلحاف وثير... لا يوقظه رنين الساعة ولا أزيز آلة الحفر التي دمرت الرصيف وتكاد تزلزل المبنى. زوجي يعيش خارج حدود الزمن، يستيقظ في المساء ويقضي ليلته في غرف الدردشة في الأنترنت أو يتنقل بين محلات بيع الجوالات ثم يكمل سهرته مع (الشلة) في الكازينو وقبل أذان الفجر بقليل يعود المسكين إلى البيت منهكاً لينام. نهضت من السرير.. تعثرت بلعبة ولدي الملقاة على الأرض.. حمار صغير مثبت على ظهره مفتاح، يحرك بشكل دائري عدة مرات فيسير الحمار مسافة ما ويهز رأسه لمدة قصيرة ثم يتوقف. ما أشبهني به!! صليت الفجر ثم أعددت نفسي للذهاب إلى المدرسة. تفقدت صغيري النائم في سريره.. حرارته مرتفعة. لو لم يكن اليوم هو يوم امتحان المادة التي أدرسها للطالبات لتغيبت عن العمل. أوصيت الخادمة أن تعطيه الدواء حين يستيقظ ثم خرجت لأركب السيارة مع السائق. في المصعد قابلت الطبيبة مها التي تسكن في الشقة المقابلة لي تحدثت معها قليلاً ثم ركبت السيارة. اقتربت مني جارتي سعاد المديرة في المدرسة المتوسطة، ألقت علي السلام ثم ركبت سيارتها. شدت انتباهي محاسن زوجة حارس العمارة، كانت تقف على الرصيف تنتظر مرور سيارة أجرة لكي تقلها إلى سوق الجملة لتشتري بضاعة تبيعها في السوق القريب تذكرت كلمات طالما كررتها أمي على مسامعي قبل أن أتزوج ( يا بنتي لا تضيعي سنين عمرك وزهرة شبابك في الدراسة، لن ينفعك إلا زوجك وأولادك والمثل يقول:- ظل راجل ولا ظل حيط). انطلقت السيارة.. بدأت تشق طريقها وسط الزحام... بعد دقائق توقفت السيارة عند إشارة المرور. رن هاتفي فتوجست أن يكون الاتصال من الخادمة بخصوص ولدي ولكني فوجئت بصوت زوجي، سألته: هل الولد بخير؟ فقال: نهى يا حبيبتي اليوم أريد أتعشى سمكاً. حين تعودي من المدرسة اطلبي من السائق أن يذهب الى سوق السمك.. لا تنسي ذلك.. باي باي حياتي. أقفل الهاتف واغرورقت عيناي بالدموع.