ربما يطلقها رجل أعمال أو مسؤول مدوية وهو يتداخل ضمن برنامج تلفزيوني أو حوار صحفي دون أن يعلم أن ما يقوله قد يخالف الواقع كثيراً، فكم من منظّر قالها من قبل أن الشاب السعودي ينقصه الجدية في العمل، لكن مواطنين ارتضوا أن يبحثوا عن رزقهم بشرف وكرامة يكذبون هذه التهمة، ويثبتون على أرض الواقع أنها ذريعة لبعض رجال الأعمال للتهرب من توظيف أبناء بلدهم، كما أنها ذريعة من المسؤول الذي يخفق في عمله. فليس أكثر إيلاماً أن تركب في سيارة أجرة متهالكة، ترتضي بها مجاملة لأحد مواطنيك الذي يبدو عليه العوز وهو يقودها، وحين تبدأ معه حديث الرحلة التقليدي هروباً من ضغوط الازدحام، تُصدم بأنه طالب جامعي، يجوب الشوارع بسيارة تاكسي قد ذهب بشبابها الزمن، فمحمد الحارثي، شاب في العشرينيات من عمره، يحمل مؤهلا جامعيا، ولم يتزوج بعد، يقود سيارة أجرة موديلها يعود لنهاية تسعينيات القرن الماضي، هي مصدر قوته، يقول بأنه كان يعمل عليها بعد خروجه من الجامعة منذ كان طالباً، وبعد تخرجه لم يجد وظيفة تحقق له دخلاً أفضل من هذا الدخل الذي توفره له هذه السيارة المتهالكة، ولا يشعر محمد بالخجل كونه جامعياً ويعمل سائق أجرة، لكنه يقول إنه يخسر بعض الزبائن الذي يعزفون عن الركوب معه بحكم تقادم سيارته، ويأمل أن يُدعم السعوديون الذين يعملون في مجال الأجرة بسيارات جديدة وبأقساط حكومية ميسرة بغية توطين هذا القطاع، محمد راح يسرد لنا ايجابيات أن يكون المواطن سائق أجرة، وانعكاس ذلك على الاقتصاد، لكنه بدا محبطاً بشكل واضح. كثيرون مثل محمد، فضلوا الكدح، والعمل بشرف على راحة البطالة، لكن ضعف إمكانياتهم جعلتهم يعانون من سياراتهم التي أكل عليها الدهر وشرب، مبدين شيئاً من التفاؤل أن يتم تسهيل الحصول على برامج التمويل الميسرة التي تدعم توجه السعوديين للعمل في القطاعات الخدمية التي تشهد غياباً كبيراً للعنصر الوطني. سيارات قديمة بالمقارنة بسيارات الليموزين الخاصة بالشركات وتبدو سيارات الأجرة التي يملكها سعوديون هي الأسوأ في سوق الأجرة، وهي الأقدم، مما يعني الحاجة إلى دعم أولئك الرجال الذين لم ينتظروا وظيفة حكومية، ولم ينتظروا وظائف القطاع الخاص ذات الرواتب الرديئة والأمن الوظيفي الهش، فقد كشف أولئك الشباب عن تطلعاتهم بأن يمتلكوا سيارات جديدة تمكنهم من المضي قدماً في العمل في مهنة تحتاج البلاد أبناءها للعمل فيها. الجدير بالذكر أن البنك السعودي للتسليف لديه برامج تمويل تصب في هذا الشأن والمتمثلة في مسار الأجرة والنقل المدرسي والذي يوفر تمويلاً للسعوديين الراغبين في العمل في مجال الأجرة والنقل المدرسي ضمن شروط حددها البنك سلفاً للحصول على عملية التمويل تلك ومن ذلك تحويل المهنة الى سائق اجرة حيث يرفض الغالبية هذا الشرط.