من منطلق مجبر أخاك لا بطل سادت ثقافة البناء الفردي طوال العقود الأربعة الماضية وتزايدت مع نشاط صندوق التنمية العقاري وزيادة القروض للمواطنين ولازال البناء الفردي هو الأكثر تنفيذا من الاعتماد على المشاريع المطورة التي لم تنشط إلا مع بداية الالفية الجديدة.. ورغم ظهور شركات تطوير عقاري كبرى ومتوسطة وصغيرة في مختلف مناطق المملكة إلا أن اجمالي ما تقدمه هذه الشركات قد لا يصل الى 10 بالمائة من الاحتياج الفعلي للسوق. والبناء الفردي له بعض الايجابيات رغم قلتها مثل زيادة المعروض من الوحدات السكنية واختيار الموقع برغبة المستهلك وتصميم المسكن بالطريقة الملائمة لظروفه. عدا ذلك فان السلبيات كثيرة ومكلفة منها ضعف الخبرة او انعدامها بطرق وأساليب البناء الصحيحة والإسراف في استخدام مواد البناء وعلى رأسها الحديد الذي قد يتحمل بناء من 6 طوابق بدلا من اثنين! يضاف لذلك الغش الذي قد يحصل في مواد حساسة كالكهرباء والسباكة والدهانات وأيضا عدم القدرة على تقييم أداء المقاولين وهم في معظم الأحوال يفتقدون الخبرة والقدرة مع الاعتماد على عمالة رخيصة غير مدربة. يضاف لها مراجعة الأفراد للدوائر الحكومية بأنفسهم وما ينتج عنه من تأخير وإزعاج وزحام بدلا من جهة واحدة مطورة لمئات أو آلاف الوحدات السكنية وتوفير الوقت والجهد والمال لكافة الأطراف. وأخيرا والأهم هو توفر البنية التحتية والخدمات الرئيسية من قبل شركة واحدة أفضل بكثير من المراجعات الفردية والحفر والدفن الذي عانينا ولا زلنا نعاني منه. في السابق كان البناء الفردي مقبولا لعدم وجود البدائل وتطور التقنية وزيادة المنافسة والانفتاح على العالم وتعدد الخيارات اما اليوم فلابد من وقفة مع البناء الفردي والسعي لتطويره أو استبداله بالتطوير الشامل وهي مسئولية مشتركة بين القطاعين العام والخاص بمشاركة المواطن. البعض قد لا يعجبه هذا الطرح ويرون أنه قد يؤدي الى الاحتكار من قبل المطورين واستغلال وضعف في الجودة ومبالغة في الأسعار.. قد يكون ذلك صحيحا لبعض الحالات ولكن مع زيادة عدد الشركات والمشاريع فان المنافسة ستسود ويزيد العرض وتتعدد الخيارات مع الحرص على التعامل مع الشركات ذات السمعة الجيدة والمنجزة. ان كان ولا بد من البناء الفردي لمن سيدفع كل مالديه.. فعليه أن يستعين بعد الله بمكتب هندسي محترم ومحترف يصمم ويشرف ويتابع حسب الأصول حتى لو كان غاليا بدلا من المخططات الجاهزة والرخيصة والمتابعة الذاتية بدون خبرة ومعرفة فالعائد من المكتب المشرف أكبر بكثير جودة وجهدا ومالا ووقتا وصحة.