استقبلت الأسواق المالية خبر استحواذ عملاق صناعة البرمجيات شركة مايكروسوفت على شركة نوكيا المتخصصة بتصنيع أجهزة الهواتف النقالة بتضارب حاد، حيث ارتفعت أسهم نوكيا بنسبة تتجاوز 40%، وفي المقابل انخفضت أسهم مايكروسوفت بمقدار 5% فور الإعلان عن النبأ، وتهدف مايكروسوفت بهذا الاستحواذ على الدخول بقوة لسوق الهواتف النقالة الذكية الذي دخلت فيه مايكروسوفت من بوابة الشراكة الإستراتيجية مع نوكيا في وقت سابق. وبدأت محادثات الاستحواذ بين الشركتين قبل أكثر من ستة أشهر بعد أن وصلت الشركتان إلى قناعة تامة بأن شراكتهما الإستراتيجية في قطاع الهواتف النقالة الذكية لن تذهب إلى أبعد مما وصلت إليه، وتشمل الصفقة براءات الإختراع المسجلة لنوكيا حيث حصلت مايكروسوفت على 8500 براءة اختراع خاصة بتصاميم نوكيا، و 30 ألف براءة اختراع خاصة بالتطبيقات والأدوات التي تنتجها نوكيا، وتراخيصها وخدمات الخرائط وبلغت قيمتها 7.2 مليارات دولار وتنتهي إجراءات الاستحواذ خلال الربع الأول من العام القادم. وتشير التحليلات التقنية والاقتصادية بأن مايكروسوفت تأخرت كثيراً في هذه العملية حيث لو أنها تدخل سوق الهواتف النقالة الذكية بعد أن أصبح واضح المعالم، وأكثر احترافية، حيث كان من المفترض أن تقدم مايكروسوفت على هذه الخطوة قبل عام 2005. وكانت خسائر نوكيا قد بلغت في الربعين الأول والثاني من هذا العام 660 مليون دولار مقارنة بخسائر وصلت إلى 2.37 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام المنصرم، وتقليص الخصائر ما كان ليتسنى إلا بعد محاولات جادة من رئيسها التنفيذي ستيفن إليوب لخفض نفقاتها من خلال تسريح عدد من الموظفين الذي بلغ عددهم في الشركة إلى 40 ألفاً، وبالرغم من تحسن أرباح نوكيا في قطاع الهواتف النقالة الذكية إلا أنه لم ينعكس بصورة إيجابية على قوائمها المالية حيث إن أغلب المبيعات التي حققتها نوكيا في هذا القطاع كانت عبر مبيعات الهواتف النقالة الذكية منخفضة التكاليف، حيث إن نوكيا فقدت جزءاً كبيراً من حصتها السوقية خلال الأعوام القليلة الماضية تقدر بأكثر من 20%، فحصتها في قطاع الهواتف النقالة كان يصل في 2010 إلى 40% والآن تقدر هذه الحصة بمقدار 5% فقط. ولخصت مايكروسوفت أسباب استحواذها على الشركة في عدة نقاط مهمة من أهمها تحسين أرباحها في أسواق الهواتف النقالة، والحصول على حصة سوقية جيدة في هذا السوق الواعد من خلال الحد من منافسة الشركات الأخرى لها وتقليص حصصهم، والاستفادة من خبرات نوكيا وبراءات اختراعاتها في هذا السوق، وتطوير الأعمال التجارية للشركة عبر التوجه لقطاع الهواتف النقالة. وتعتزم مايكروسوفت تعيين رئيس تنفيذي جديد لها خلفاً لستيف بالمر الذي سيترك منصبه خلال الاثني عشر شهراً القادمة، ويعد رئيس نوكيا التنفيذي السابق ستيفن إليوب أحد أهم المرشحين لهذا المنصب، وكان بالمر قد قدم لمنصب الرئيس التنفيذي في عام 2000 خلفاً لمؤسس الشركة بيل غيتس وتراجعت قيمة مايكروسوفت السوقية خلال الأعوام السابقة من أكثر من 600 مليار دولار إلى أقل من 300 مليار دولار. ومن المتوقع أن يكون هاتف لوميا 1520 أول الهواتف التي تطلقها مايكروسوفت بعد استحواذها على نوكيا، والذي سيظهر بواجهة استخدام رئيسيه جديدة كلياً تحتوي على 6 مربعات حية في صف واحد وهذا يعني رفع عدد التطبيقات التي من الممكن وضعها على شاشة واحدة بنسبة 50%، بالإضافة مواصفات أخرى حيث سيحتوي الجهاز على معالج رباعي النواة، وشاشة فائقة الدقة عرضها 6 بوصات. الجدير بالذكر أن دولة فنلندا والتي اشتهرت بشركة نوكيا يعد قطاع التصنيع هو المحرك الاقتصادي الأول في الدولة، حيث تعتبر صناعة الإلكترونيات من أكبر الصناعات في البلد بنسبة 21.6%، ولم تتضح المعالم بعد حول مصير قطاع التصنيع في نوكيا حيث إن الصفقة استهدفت نقل أكثر من 18 ألف موظف علاقتهم المباشرة مع قطاع التصنيع فور عقد الصفقة إلى مايكروسوفت، ولعل الأيام القليلة القادمة قد تكشف الكثير من الجوانب خصوصاً أن إجراءات إنهاء الصفقة تتطلب موافقات الجهات الرقابية، وتأييد مساهمي نوكيا لإتمامها. ولكن هناك معالم شبه واضحة للوضع الذي سيتحول له وضع نوكيا في فنلندا حيث قال ستيف بالمر رئيس شركة مايكروسوفت الثلاثاء الماضي أن فنلندا ستكون "محورا ومركزا" لنشاطات البحث والتطوير لمايكروسوفت في مجال الهواتف المحمولة، فهل تخسر فنلندا أكبر محرك لاقتصادها.