يجتاح الشارع العربي شعور متناقض فيما يتعلق بالضربة العسكرية المحتملة للنظام السوري، فهناك من يرى فيها نهاية حتمية لبشار الأسد على ما ارتكبته قواته من مجازر في حق الشعب السوري طوال عامين ونصف، وهناك من لا يريد لبلد عربي شقيق أن يتعرض لأطنان من الاسلحة الفتاكة التي ستجعله بلدا شبه مدمر. ولكن الهدف هنا ليس سورية الوطن ولا الشعب السوري بل النظام الذي خان شعبه وقضيته بعد أن اصبح أداة لتنفيذ السياسة الإيرانية بعيدا عن محيطه العربي. قد يقول البعض بأن العرب سيخسرون جيشا آخر في مواجهتهم مع إسرائيل، ولكن أين العروبة في آلة عسكرية اختارت أن تحمي بيتا واحدا وتنسف آلاف البيوت بالصواريخ والبراميل المتفجرة كل يوم ؟ أين العروبة عندما يتحول السلاح إلى المدن والقرى السورية فيما يبقى الجولان عصيا على هذا الجيش الذي لم يطلق رصاصة واحدة على حدوده الغربية؟ كتبت في مقالي الأسبوع الماضي عن فرصة أخيرة للرئيس السوري حتى يتنحى، ولكن في الحقيقة هي فرصة لما تبقى في سورية، أما بشار فلن يجد ملاذا آمنا حتى لدى حلفائه، فدماء أطفال سورية ليست رخيصة لتكون حبرا لصفقة سياسية تضمن خروجا آمنا للأسد ورموز نظامه. وفيما يرسم الغرب ملامح الضربة المقبلة لابد من مراعاة عدد من النقاط المهمة التي ستضمن نجاح الضربة والتسريع في نهاية الأزمة، ومنها البدء فعليا في تسليح الجيش الحر تسليحا نوعيا يمكنّه من السيطرة على الأرض وانقاذ مايمكن انقاذه. أيضا لابد من أن تشمل الضربة المسلحين الأجانب بمن فيهم مليشيا حزب الله اللبناني، ومن في حكمها من مليشيات مسلحة قدمت من العراق وإيران للوقوف إلى جانب الأسد، كما لابد أن يشمل ذلك العناصر المسلحة التي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة حتى تبقى سورية خالصة للسوريين فقط. وفي ظل هذه الظروف بالغة التعقيد يجب أن يثبت الغرب بأن الهدف من هذه الحملة العسكرية هو حماية الشعب السوري وذلك بمنع النظام من مواصلة عملياته العسكرية، وتوفير المناطق الآمنة لملايين اللاجئين السوريين. غدا ستتوجه أنظار العالم إلى واشنطن لمتابعة ماسيجري في دهاليز الكونجرس الأميركي، ورغم المواقف المتباينة إلا أنه من المرجح أن ينال الرئيس أوباما تفويضا لشن هذه الحرب التي يبدو أنها لن تكون محدودة ولاتجميلية على وصف السيناتور جون ماكين.