في فيلم يجمع بين الدراما والوثائقي والسردي في آن واحد، الفيلم الإيطالي "Ceasar Must Die"، يقدم الأخوان المخضرمان باولو وفيتوريو تافياني تجربة فنية ذات بعد إنساني عال. الفيلم يبدأ بممثلين مسرحيين يؤدون المقطع الأخير من مسرحية "يوليوس قيصر" لشكسبير، وتنتهي المسرحية ويصفق الجمهور طويلاً للممثلين الذين يبدو عليهم الفرح، يخلي الجمهور القاعة وتبدو فارغة لننتقل بعد ذلك إلى سجن ريبيبيا الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة ونرى الممثلين "السجناء" يدخلون زنازانات وتغلق عليهم الأبواب؛ لنبدأ معهم رحلة التحضير للمسرحية قبل ذلك بستة أشهر. تتناول مسرحية شكسبير "يوليوس قيصر" كيف تم التآمر على يوليوس قيصر الحاكم الروماني الديكتاتور وقتله ثم هزيمة المتآمرين عليه بعد ذلك في معركة فيلبي. الشخصية الرئيسية في المسرحية هي ماركوس بروتوس والصراع الذي يعيشه بين أن يكون وفياً للقيصر وبين وطنيته وشرفه. لقطات من الفيلم ثيمات المسرحية من خيانة ووفاء وطعن في الظهر وانتقام تبدو شيئاً يعرفه السجناء جيداً، فهم مسجونون بتهم تتراوح بين تهريب مخدرات وارتكاب جرائم قتل، وبشكل ما يعطي الفيلم انطباعاً بأنهم يفهمون جيداً هذه الثيمات ولذلك يتفاعلون معها ويؤدونها بصدق شديد، فمشاهد الفيلم يستطيع أن يرى السجناء يحفظون أدوارهم ويعيشونها حتى وهم يؤدون بعض الأعمال المطلوبة منهم في السجن. وقد بدأ التفكير في الفيلم بعد أن رأى الأخوان تافياني المسرحية المقتبسة من "جحيم" دانتي، والتي أخرجها فابيو كافالي الذي شارك في الفيلم أيضاً بدور المخرج الذي يساعد الممثلين على أن يتحدثوا بلهجتهم وأن يتواصلوا مع النص ببساطة. وهو مخرج يجوب السجون ويدرب المساجين على أداء مسرحيات. اقترح الأخوان عمل "يوليوس قيصر" بالتعاون مع كافالي بحيث يتابعون عمله من البداية حيث اختيار المساجين الذي سيؤدون العمل إلى العرض النهائي لجمهور من خارج السجن. ولكن الفيلم لا يبدو أبداً كعمل وثائقي حيث المشاهد المختارة تكمل المسرحية من البداية حتى النهاية. ولذلك يبدو الفيلم مزيجاً من العمل الدرامي الروائي كون أن هناك أداء تمثيلياً وقصة روائية ووثائقية في ذات الوقت. الصدق الوارد في العمل هو ما حمل لجنة تحكيم مهرجان برلين على منحه الجائزة الأهم في المهرجان وهي الدب الذهبي لأفضل فيلم. وهي تعد الجائزة الثانية في أهميتها التي يتسلمها المخرجان في تاريخهما بعد أن أخذا جائزة السعفة الذهبية عن فيلم Padre Padrone, وهما اللذان بدآ حياتهما الفنية في عام 1961 متأثرين بالواقعية الإيطالية الجديدة والتي استحدثها روسيللني، ولذلك فهما يعرفان جيداً كيف يستقيان من الواقع ما يشكل قصة جميلة ومؤثرة.