اعتمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نبرة اكثر مهادنة تجاه الغرب امس عشية استضافته قمة مجموعة العشرين التي يتوقع ان يهيمن عليها احتمال توجيه ضربة غربية الى سوريا، في وقت سجل الرئيس الاميركي باراك اوباما نقاطا في الكونغرس لصالح التحرك ضد النظام السوري. يأتي ذلك وقت ناقش البرلمان الفرنسي الاربعاء من دون تصويت صوابية التدخل المحتمل، واستمع لعرض من رئيس الوزراء جان مارك ايرولت. وحض بوتين الذي تعد بلاده ابرز الحلفاء الدوليين لنظام الرئيس بشار الاسد، الغرب على تقديم ادلة "مقنعة" تثبت استخدام اسلحة كيميائية في سوريا، في اشارة الى هجوم مفترض قرب دمشق في 21 آب/اغسطس، تتهم المعارضة والدول الغربية النظام بالمسؤولية عنه. وشدد على انه في حال ثبوت الجهة التي تقف خلف الهجوم، فإن موسكو ستتحرك "باكبر حزم ممكن". وحذر بوتين في مقابلة مع القناة الاولى عشية قمة العشرين التي تنطلق اعمالها اليوم في سان بطرسبرغ، الغرب من ان اي عمل عسكري ضد النظام السوري بدون تفويض من مجلس الامن الدولي سيعتبر "عدوانا". وردا على سؤال حول ما اذا كانت روسيا ستوافق على ضربات عسكرية بقيادة الولاياتالمتحدة اذا ثبت ان نظام الاسد استخدم اسلحة كيميائية في الهجوم المفترض، اجاب بوتين "لا استبعد هذا الامر". وقال "اذا كان هناك اثبات على استخدام اسلحة كيميائية ومن قبل الجيش النظامي فيجب تقديم هذا الدليل الى مجلس الامن الدولي ويجب ان يكون مقنعا"، مضيفا انه في حال وجود هذا الدليل فان روسيا "ستكون جاهزة للتحرك باكبر قدر ممكن من الحزم والجدية". الا انه حذر من ان مجلس الامن "وحده يمكنه ان يعطي موافقة على استخدام القوة ضد دولة اخرى"، معتبرا ان "اي طريقة اخرى لتبرير استخدام القوة ضد دولة مستقلة ذات سيادة هي غير مقبولة ولا يمكن وصفها بأي شيء غير العدوان". وروسيا هي احدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن المتمتعة بحق النقض "الفيتو"، وسبق لها وللصين استخدام هذا الحق ثلاث مرات ضد اتخاذ اي قرار في المجلس لادانة النظام السوري منذ بدء النزاع منتصف آذار/مارس 2011. وتأتي تصريحات بوتين وسط نقاشات اميركية حول احتمال توجيه الضربة، وهو قرار اعلن الرئيس اوباما السبت اتخاذه ردا على "الهجوم الكيميائي"، الا انه طلب موافقة الكونغرس قبل الاقدام على الخطوة. ووصل اوباما الاربعاء الى ستوكهولم، المحطة الاولى من زيارة تستغرق ثلاثة ايام الى اوروبا، سيسعى خلالها لضم المزيد من الشركاء الى سياسته حيال سوريا. وسيمضي اوباما 24 ساعة في السويد، قبل ان ينتقل الى روسيا للمشاركة في قمة مجموعة العشرين التي تعقد اليوم الخميس وغدا الجمعة. وافاد مسؤولون في البيت الابيض طلبوا عدم كشف اسمائهم ان اوباما سيغتنم فرصة رحلته الى اوروبا لشرح موقفه من الازمة السورية، على ان يعقد خلال القمة لقاءين منفردين خلال القمة مع نظيريه الفرنسي فرنسوا هولاند والصيني شي جينبينغ، بحسب مسؤول في البيت الابيض. ومن غير المقرر ان يعقد اي لقاء ثنائي بين اوباما وبوتين خلال القمة. ويحضر اوباما متسلحا بثقته من ان البرلمانيين الاميركيين سيصوتون اعتبارا من الاسبوع المقبل على الارجح على مشروع قرار يجيز توجيه الضربة لنظام الرئيس السوري، وهو ما اعرب عنه مساء الثلاثاء. وشدد الرئيس الاميركي على ان اي عملية محتملة ضد سوريا ستكون "محدودة ومتناسبة" ولن تشمل نشر اي جنود اميركيين على الارض، مؤكدا انها لن تشبه في اي شكل ما حصل سابقا في العراق او افغانستان. وبهدف اقناع المترددين في الكونغرس تمت صياغة مشروع قرار جديد في مجلس الشيوخ يحصر مدة التدخل المحتمل بستين يوما مع احتمال الى 90 يوما، ويمنع الرئيس من نشر جنود بهدف "القيام باعمال قتالية". وستصوت لجنة في مجلس الشيوخ على النص الجديد الساعة 15,30 ت.غ. الاربعاء. لكن نتيجة تصويت مجلسي الكونغرس الاسبوع المقبل تبقى غير اكيدة، رغم نيل الادارة الاميركية الثلاثاء دعما اساسيا من رئيس مجلس النواب جون باينر، المنتمي الى الحزب الجمهوري. وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري قال خلال جلسة استماع امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، ان الوقت الآن "ليس وقت الانعزال في مقعد ولا وقت اتخاذ موقف المتفرج على مجزرة"، محذرا من ان عدم التحرك ينطوي على مخاطر اكثر من التدخل. وشرح وزير الدفاع تشاك هيغل في الجلسة نفسها ان اهداف العملية ستكون "خفض قدرات" النظام السوري على القيام بهجمات كيميائية و"ردعه" عن استخدام ترسانته، مؤكدا ان المقصود "ليس حل النزاع في سوريا بالقوة العسكرية المباشرة". ومن المقرر ان يبدأ الكونغرس في مناقشة طلب الرئيس الاميركي بعد عودته النواب من اجازتهم في التاسع من ايلول/يوليو. وفي باريس، سيعرض رئيس الحكومة الفرنسية اعتبارا من الساعة 14,00 (1200 تغ) على النواب الخط الدبلوماسي الفرنسي الذي يقوم على جمع ائتلاف دولي "لمعاقبة" الاسد، وذلك غداة ابداء الرئيس فرنسوا هولاند مزيدا من "التصميم" على المشاركة في اي تدخل عسكري محتمل. واعلن الاتحاد من اجل حركة شعبية، حزب المعارضة اليميني الرئيسي، الثلاثاء انه سيطالب بتصويت في البرلمان في حال التدخل عسكريا خارج اطار الاممالمتحدة. وتعد فرنسا الحليف الغربي الابرز الذي قد يشارك الى جانب الولاياتالمتحدة في الضربة المحتملة، بعد رفض مجلس العموم البريطاني الاسبوع الماضي طلبا من حكومة ديفيد كاميرون للمشاركة في الضربة العسكرية.