أكتب ما أكتب وأنا ما زلت في هول الصدمة من خبر. وأي خبر. إنه رحيل من أحبنا وأحببناه وعاش معنا وعشنا معه. انه فقيد الأمة فهد - رحمة الله عليه رحمة واسعة - واسمحوا لي فقد لا تسعفني العبارات لأنها وفي أحلك وأصعب المواقف تكون أضيق من الحدث والحزن يكون سيداً للموقف والدعاء للفقيد بالرحمة هو المخرج من هذا وذاك. لقد فقدنا فقيد الأمة فهد والذي قد صال في كل ميدان صولة وتوالت بصماته على كل حدث يشهد بتنمية وكل عطاء يتصف بالكرم لدينه ووطنه وأمته. ذلك فقيد الأمة فهد والذي يشهد له الحرمان الشريفان وتشهد له مطابع أشرف وأقدس كتاب وتشهد له المآذن على المساجد المشيدة وتشهد له المراكز الإسلامية النافعة فوق كل أرض وتحت كل سماء وتشهد له مراحل التطور بشتى أشكالها وتشهد له دور التعليم ويشهد له ما نحن فيه من أمن وأمان واستقرار ويشهد له البعيد قبل القريب والصغير قبل الكبير بكل خير. ذلك فقيد الأمة فهد الذي كانت له من القيادة والسياسة والحنكة ما يبهر وله من الدراية والمعرفة والحكمة ما يذهل ولكن ذلك ليس إلا بما زرعه فيه كما زرع في اخوانه ذلك المؤسس العظيم الفذ طيب الله ثراه والذي زرع فيه وفي اخوانه انتماء للدين وحباً للوطن. ذلك فقيد الأمة فهد والذي صنع في عهده وبمساعدة اخويه عبدالله وسلطان من الإنجازات ما تعجز العقول عن ادراكه أو حتى تصوره أو وصفه، وذلك من تطور في شتى مجالات الحياة وكل ذلك تم على أرض هذا الوطن. ذلك فقيد الأمة فهد والذي بقيادته واخوانه استطاع أن يعبر بالمملكة في عدة مواقف حرجة إلى بر الأمان وقد كانت لا تهوله الصعاب بفضل الله وتوفيقه له ولاخوانه ثم بفضل حكمته وتجربته وتمرسه في شؤون السياسة ذلك فقيد الأمة فهد الذي عندما يشغله هم لوطنه لا ينسى هم أمته ولن نشهد نحن على ذلك فشهادتنا في هذا الفقيد مجروحة لكن يشهد بهذا القاصي والداني فأفعاله - رحمه الله - تدل على أقواله ومآثره تدل على إنجازاته وبصماته الخيرة تبقى وساماً يعلقه على صدره التاريخ شاهداً وموثقاً لأعماله الجليلة. ولعل ما شاهدناه من حب هذا الوطن عبر ما نشاهده ونقرأه لأعظم دليل وخير شاهد على محبة هذا الشعب لدولته ويدل على منطلق آخر على تلاحم هذا الشعب مع حكومته. وذلك لم يكن إلا بما عملت عليه هذه الأسرة الكريمة من تقديم كل ما من شأنه رفعة هذه البلاد واستقرارها. وكذلك على صعيد خارجي فلقد حافظت هذه الدولة المباركة بقيادة فقيدنا وبمساعدة اخوانه على توطيد تلك العلاقات وتوثيقها مع دول خارجية قريبة كانت أو بعيدة. وها هي اليوم تحتفظ بعدد هائل من الدول الصديقة وذلك بما يفوق الوصف وذلك لم يتم إلا بادراك فقيدنا وحكومته الرشيدة على انه من شأن تلك العلاقات والأوامر من خدمة الدين والأمة العربية والإسلامية الشيء الكثير ولقد شاهدنا الدليل على ذلك من خلال تلك الوفود الدولية الرسمية والتي أقبلت وتقبل على هذه البلاد المباركة مشاركة لها في أحزانها تارة وفي مواقف أخرى مشاركة لها في أفراحها تارة أخرى. فرحمك الله فقيد الأمة فهد ولتنم قرير العين لأنك قد اخترت لنا من يتحمل الراية بجدارة انه من أحبك حباً لا يضاهيه حب وولاء لا يماثله ولاء وعزاؤنا فيك أنك تركتم الراية لمن يعظمها ويستشعرها ويعطيها من بوح قلبه الكبير إخلاصاً لها وخدمة لها، إنه مليكنا عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز. رحمك الله أبا فيصل وإنا لله وإنا إليه راجعون. وأعانك الله أبا متعب وأيدك بنصره وتوفيقه لقيادة مسيرة هذه البلاد الطاهرة لكل خير وصلاح اللهم آمين. * مدير عام المكتب الخاص لسمو محافظ الخرج