يعد التهاب الكبد الوبائي (ج) من أكثر الالتهابات الفيروسية المنتقلة عن طريق الدم انتشارا، حيث يصاب به سنوياً حوالي 3- 4 ملايين شخص حول العالم، ينتقل هذا الفيروس عن طريق نقل الدم الملوث، واستخدام ابر غير نظيفة حيث يقوم البعض باستخدام نفس الإبرة أو عند رسم الوشم في أماكن تستخدم أدوات غير نظيفة، أوعن طريق شفرات الحلاقة الملوثة، وفي حالات نادرة، قد يصاب أحد العاملين في القطاع الصحي (مثل الجراحين أو الممرضين) عن طريق تعرضهم للدم الملوث. تؤدي الإصابة بالفيروس لالتهاب الكبد المزمن والذي قد يتحول إلى تليف وفشل كبدي في نهاية المطاف، بالإضافة إلى زيادة فرصة الإصابة بسرطانات الكبد، وفي بداية الإصابة يصعب التشخيص الإكلينيكي، ولا يمكن التعرف عليه إلا عن طريق فحص الدم، ولكن في الحالات المتقدمة، تظهر لدى المصاب أعراض الفشل الكبدي، التي قد تشمل صفار في الجلد والعين، وانتفاخ في البطن، تأثير على التركيز والتعب المستمر، وهناك عدة عوامل قد تسرع من تطور إصابة الكبد وتشمل تناول الكحول، وأن يكون عمر الشخص 40 أو أكثر عند الإصابة، ووجود أمراض مزمنة أخرى عند المصاب وغيرها. يقسم الفيروس (ج) إلى 6 أنواع فرعية وتعد الأربع أنواع الأولى أكثر انتشاراً عالمياً، ووجد أن النوع 4 هو الأكثر انتشارا في الدول العربية ومن ضمنها المملكة العربية السعودية حيث تقدر نسبة الإصابة بفيروس (ج) بأقل من 1% بناءً على دراسات أجريت على عينات دم من متبرعين أصحاء. تزيد هذه النسبة في بعض المناطق في المملكة وفي بعض الحالات خاصة، مثل مرضى الغسيل الدموي للكلى. لا يزال التهاب الكبد الوبائي (ج) يشكل معضلة طبية، وقد يعود ذلك لعدم توفر لقاح للحد من انتشار المرض، بالإضافة لعدم وجود خيارات علاجية كثيرة، ويتكون العلاج المتوفر حالياً من عقار الريبافيرين وابر الانترفيرون، حيث يؤخذان لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى سنة بناءً على نوع الفيروس الفرعي، وتتمثل مشكلة هذا النظام العلاجي في أعراضه الجانبية التي تؤدي ببعض الناس لإيقاف العلاج مبكراً وبالتالي الفشل في القضاء على الفيروس أوحدوث مقاومة الفيروس للعلاج والذي يؤدي لفشل العلاج في القضاء عليه أو عودة الفيروس من جديد، ويعتبر نوعا الفيروس 1 و4 الأكثر صعوبة في العلاج والأقل استجابة له، وتوجد فئة معينة من المصابين بفيروس (ج)لا ينصح أو يصعب علاجهم باستخدام هذه الأدوية وذلك لإصابتهم بأمراض أخرى مثل بعض الأمراض النفسية المزمنة. خلال الأشهر القليلة الماضية، تم تسويق علاجين جديدين لفيروس (ج) نوع 1, وهما بوسيبرافير وتيلايبرافير، وذلك بعد خضوعهما لدراسات أظهرت أن إضافة أي من هذين الدواءين للعلاج الحالي أدى إلى زيادة نسبة نجاح العلاج إلى 70- 80% (مقارنةً ب40- 50% عند إستخدام الريبافيرين والانترفيرون فقط) يؤخذ هذان العلاجان عن طريق الفم ويضاف احدهما للريبافيرين والانترفيرون لمدة ثلاثة أشهر (تيلايبرافير) أو 6- 8 أشهر (بوسيبرافير). خلال المدة التي تم استخدام الدواءين فيها، وطبقا للدراسات السريرية، لم يتم التبليغ عن أثار جانبية كثيرة لأي من الدواءين، من أكثر الأعراض التي تم التبليغ عنها كان بعض الطفح الجلدي والذي تطور إلى حالات خطيرة في عدد قليل من المرضى، مشكلة هذين العقارين حالياً هي تعارضاتهما مع بعض العلاجات الأخرى (مثل بعض علاجات منع الرفض التي تستخدم بعد زراعة الأعضاء، بعض مضادات الفطريات.. إلخ). بالإضافة إلى عدم فاعليتهما في علاج أنواع الفيروس (ج) الآخرى . يجدر بالذكر أنه يوجد حالياً أكثر من 50 عقار في مراحل مختلفة من الدراسات لعلاج فيروس (ج) وقد يكون أقربها لرؤية الضوء هو عقار سوفوسبيوفر الذي قدمت الشركة المصنعة له بطلب للموافقة بالتسويق إلى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ويتوقع الموافقة عليه قريباً ويتميز هذا العقار بفاعليته ضد جميع أنواع فيروس (ج) بالإضافة إلى إمكانية الاستغناء عن إبر الانترفيرون عند استخدامه، الشيء الذي سيكون له أصداء إيجابية عند مرضى الفيروس (ج). * قسم الصيدلية