مرّة جديدة يدفع الأبرياء ثمنا باهظا لإقحام لبنان في الصراع السوري، فقد تحوّلت مدينة طرابلس أمس فعليّا الى مدينة "منكوبة" بفعل انفجارين إرهابيين طالا المصلين أثناء تأديتهم صلاة الجمعة، وقع الأول بالقرب من مسجد التقوى حيث كان الشيخ سالم الرافعي يؤم المصلين والثاني قرب جامع السلام حيث كان الإمام بلال بارودي يؤمّ المصلين ويقع هذا المسجد جوار معرض رشيد كرامي بالقرب من منزل الرئيس نجيب ميقاتي والنائب سمير الجسر واللواء أشرف ريفي. حصيلة القتلى غير النهائية هي 42 أما الجرحى فقد وصل عددهم الى 500 جريحا توزّعوا على مستشفيات المنطقة. استنكار لبناني للجريمة ودعوات لوأد الفتنة وقال احد ابناء طرابلس ل"الرياض" وقد كان متواجدا على بعد امتار من الانفجار الأول بأن "قوّة الانفجار كانت هائلة، وقد تطايرت نوافذ المباني واحترقت أبنية وسيارات بأكملها، ورأينا جثثا محترقة على الطرق". وأشار مصدر طرابلسي مسؤول ل"الرياض" الى أنّ "اختيار المسجدين من قبل الإرهابيين له دلالاته: فالشيخ سالم الرافعي هو احد رموز السلفية في طرابلس ولبنان واختيار استهداف جامع التقوى جاء لأن الرافعي هو من يصلي فيه عادة وهو تابع له، والأمر سيان بالنسبة الى الشيخ بلال البارودي إمام مسجد السلام، وبالتالي فإن رمزية الرسالة واضحة ضدّ اثنين من أئمة السلفيين في لبنان لكن الحمد لله أنّه لم يصب أحد من الشيخين بأذيّة". سيارات تحترق في الهجومين الارهابيين على مسجدين في طرابلس (أ. ب) ودان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في بيان تفجيري طرابلس قائلا: "إنها ايدي الفتنة التي لا تريد للبنانيين ان يشعروا بلحظة واحدة من الاستقرار. انها الأيدي التي تريد لآلة التفجير والقتل ان تحصد الابرياء في كل مكان من لبنان. أهل الفتنة قصدوا طرابلس مجددا ليزرعوا الموت على ابواب المساجد ولينالوا من جموع المصلين، ولغاية واحدة لا ثاني لها، هي غاية اعداء لبنان بجعل الفتنة والخراب مادة لا تغيب عن يوميات اللبنانيين". وأضاف "منذ سنوات وهناك من يعمل لابقاء طرابلس في عين العاصفة، واستهداف هذه المدينة الأبية بموجات متتالية من الفوضى والاقتتال والصراعات المسلحة. لقد تحمل اهل طرابلس الكثير الكثير وعضوا على جراحهم وآلامهم عشرات المرات، ودفعوا ضريبة الدم والدفاع عن النفس والكرامة في العديد من الجولات والمراحل. وها هي طرابلس اليوم تواجه الشر وجها لوجه، وتفتدي كرامتها وتاريخها الوطني والعربي والاسلامي بارواح أبنائها، وهي ستؤكد بما لا يدع اي مجال للشك بأنها ستنتصر على قوى الشر ولن تعطي اعداء لبنان اي فرصة لإشعال الفتنة. الذين يتربصون بطرابلس كثيرون في الداخل والخارج. لكن صوت الله اكبر سيرتفع في كل يوم من مساجد طرابلس، ولن يكون في مقدور الارهاب ان يخمد هذا الصوت او ان يقتل إرادة المدينة وخياراتها". سحب دخان كثيفة ترتفع فوق موقع الانفجار الذي استهدف مسجدين (أ ف ب) وقال رئيس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي: "استهدفت يد الإجرام مدينة طرابلس مرة جديدة اليوم في رسالة واضحة هدفها زرع الفتنة، وجر طرابلس وأبناءها الى ردات الفعل. لكن طرابلس والطرابلسيين سيثبتون مرة جديدة انهم اقوى من المؤامرة ولن يسمحوا للفتنة ان تنال من عزيمتهم وايمانهم بالله وبالوطن، وسيتعالون على جراحهم، مهما كانت بليغة". وقد وقع هذا الانفجار بعد اسبوع واحد على انفجار وقع في الرويس، ويخشى مسؤولون لبنانيون الى أن يتحوّل لبنان الى مكان لتبادل الرسائل الأمنية كما حذّر النائب بطرس حرب. أما النائب وليد جنبلاط فقال معلقا:" مشهد رهيب لكن يجب ألا نستسلم لليأس كي لا ندخل لبنان في العرقنة لذا لا بدّ من الحد الأدنى من التنسيق بين السياسيين والخروج من مأزق الفراغ وتشكيل حكومة وحصول مزيد من التنسيق بين الأجهزة ومحاولة الخروج من المستنقع السوري". وأضاف جنبلاط "نبهت بعد الضاحية ليس من ضمانة دولية للبنان وحدها حكومة وحدة وطنية أو إئتلاف وطني يمكن أن تجنّب مزيد من الإنفجارات في لبنان". وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري "انتقلت ايادي الجريمة والارهاب والفتنة من الضاحية الجنوبية بعد ان حصدت دماء عشرات المصابين بين شهيد وجريح وضربت اليوم مدينة طرابلس في مواقيت الصلاة، وامام بيتين من بيوت الله، روعت وقتلت واصابت العشرات بين شهيد وجريح". ورأى بري ان "جريمتي التفجير الارهابيتين اللتين استهدفتا طرابلس هما من فعل نفس اليد القاتلة التي تركت بصماتها السوداء على اجساد الضحايا في الضاحية. اليد الاثمة واحدة والجواب عليها ان نكون كلبنانين يدا واحدة".