يقول ايسايا مجونا إنه يزرع القات في مزرعته القريبة من بلدة ماوا في الجبال الضبابية بوسط كينيا منذ الصغر. ويقطن مجونا الذي ولد عام 1971 وهو أب لأربعة أبناء في منطقة تقوم منذ عقود طويلة بزراعة القات، وهي شجرة قصيرة ورفيعة يتم مضغ أوراقها الخضراء وجذوعها في التجمعات الاجتماعية في القرن الأفريقي واليمن. لكن قريباً ربما يحتاج مجونا ومئات الآلاف من الأفراد في المناطق التي تزرع القات في كينيا والذين يعتمدون على زراعة وتصدير النبات -وهو مخدر يعرف محلياً ب ميرا- إلى إيجاد محاصيل مختلفة لزراعتها. وأعلنت بريطانيا في يوليو الماضي أنها ستصنف القات كمخدر غير قانوني مثل القنب، لتنضم إلى كثير من دول أوروبا وأمريكا الشمالية الذين يحظرون بالفعل هذه المادة. وجاءت هذه الخطوة عقب قرار مماثل من جانب هولندا أوائل العام الجاري. وبوجود الجاليات الكبيرة للصوماليين والأثيوبيين واليمنيين، فإن بريطانيا استوردت تقريباً ثلث محصول القات الكيني الذي يقدر ثمنه ب23 مليون دولار، ويتوقع أن تكون الصفعة قوية للمزراعين. نحو 500 ألف كيني يقومون بزراعة القات وقال مجونا "ليس لدي أي سبل أخرى للحصول على دخل، ندخل أبناءنا المدارس من تجارة الميرا". ويعد مجونا واحداً فقط من نحو 500 ألف كيني يقومون بزراعة القات، ويقول مسؤولون إن هناك 150 ألفاً آخرين في الدولة الواقعة بشرق القارة الأفريقية يستفيدون بشكل غير مباشر. وتقام كل صباح طقوس في السوق الرئيسي في ماوا، فتقوم النساء بتنظيف أوراق القات ويقوم الرجال بوضعها على ظهر الشاحنات، ثم يتم سريعاً نقلها إلى أسواق أخرى أو إلى نيروبي ليتم نقلها إلى الخارج. وقال عمر أحمد رئيس إدارة مزارعي الميرا في ماوا "كل شيء يعتمد على الميرا، من أنظمة المدارس إلى الأمن إلى التوظيف، وبدونه سينهار اقتصاد المنطقة". ويمكن أن يكون القات أكثر ربحاً حتى من أكبر صادرات كينيا وهما البن والشاي، إنه محصول يحتاج إلى رعاية محدودة ويوفر دخلاً مستمر، لأن المزارعين يقطفون الأوراق الخضراء كل شهر تقريباً، على عكس الفواكه الموسمية. وكانت كينيا تُصدر قبل الحظر الجديد نحو 90 في المئة من محصول القات. ويقول مجونا الذي توقف عن بناء منزل جديد بسبب الحظر في بريطانيا إنه يشعر بالفعل بالضائقة. وقال "عندما افتتحت السوق في انجلترا كان يمكنك رؤية رجال الأعمال في شتى أنحاء المنطقة يشترون الميرا، لكنهم الآن لا يأتون". حظرت بريطانيا القات، رغم توصية ضد هذه الخطوة من قبل المجلس الاستشاري بشأن إساءة استغلال المخدرات بالبلاد، لأنه يخشى أن موانئها سوف تصبح معقلاً لعمليات التهريب المتصاعدة غير القانونية.