حسب التقديرات الطبية هنالك أكثر من 50 مليون شخص في الدول النامية مصابون بالسلس البولي مع نسبة 30٪ إلى 60٪ ممن تجاوزوا 65 سنة من العمر وقد يتعدى هذا المعدل 60٪ عند البالغين في الدول غير النامية مع ما قد تسببه تلك الحالة عند الرجال وخصوصاً النساء من غلب وارتباك وانزعاج وقلق واكتئاب واضطرابات في النشاطات اليومية والمهنية والاجتماعية والعائلية. وقد تكاثفت الاختبارات والأبحاث والمؤتمرت الطبية والندوات والمحاضرات والمقالات حولها وأنفقت الشركات المصنعة للأدوية الملايين من الدولارات لاكتشاف عقاقير جديدة لتلك الحالة المنغصة لحياة المصاب بها تكون ذات فعالية عالية ومضاعفات جانبية طفيفة ومقبولة من جانب المريض. ولشرح فيزيولوجية التبول الطبيعي وأسباب السلس البولي وأعراضه ولتفهم آلية السلس وتأثير العقاقير على المثانة وأعصابها وكيفية دمج التمارين على عضلات الحوض والمثانة والمعالجة الاسترجاعية الحيوية وغيرها من الوسائل مع العلاج الدوائي للحصول على أفضل النتائج لذلك كله نُشير إلى أن وظيفة المثانة تخزين البول وتفريغه دورياً تحت تأثير نشاط العضلات داخلها التي تتحكم بها الأعصاب المركزية والمحيطية وعوامل منظمة محلية أخرى وخاصة المراكز الدماغية والمركزة في النخاع الشوكي التي تعتبر المركز الرئيسي لآلية التبول. فإنه من البديهي أن أية إصابة أو آفة في تلك الشبكة العصبية أو في عضلات المثانة أو الحوض قد تسبب فقدان السيطرة على تلك العملية الفيزيولوجية الدقيقة وإعاقة تخزين أو تفريغ المثانة مع احتمال حصول سلس بولي مزعج يكون إما إلحاحياً بسبب نقص في سعة المثانة مع حصول فرط في نشاطها وتقلصات غير إرادية لعضلاتها أو بسبب احتباس البول داخلها مع فيضانه إلى الخارج. ويعتمد تخزين البول على عملية عصبية معقدة تبدأ في الدماغ وتشمل مركز التبول في جسره والأعصاب الودية واللاودية والجسدية التي تكوّن أجزاء المنعكسات العصبية ومسالكها التي تساعد على ارتخاء عضلات المثانة عند تخزينها بالبول تحت ضغط خفيف أو تسهيل عملية إفراغه تحت تأثير تقلصات تلك العضلات وإرخاء الصمام الخارجي بواسطة تنبيه الأعصاب اللاودية التي تنشأ من مركز مختص في النخاع الشوكي العجزي. وأما في حال تخزين البول ومنع تسربه إلى الخارج فيعود ذلك إلى تثبيط الأعصاب اللاودية المركزة في المثانة وتنشيط الأعصاب الودية والجسدية التي تحث عضلات عنق المثانة والاحليل والصمام الداخلي والخارجي إلى التقلص والالتحام مما يمنع السلس البولي في الحالات الطبيعية. فقد أظهرت الاختبارات الحديثة أن عملية التوازن بين الأعصاب الودية واللاودية تعتبر العامل الأساسي في آلية التبول وأن من أهم عناصرها قدرة الجهاز الودي على ثبيط نشاط الجهاز اللاودي في مراكزه الموجودة في النخاع الشوكي والعقد النخاعية. وأما من ناحية الإحساس بالبول أو بالألم وارتفاع الحرارة داخل المثانة فتنتقل تلك الالتهابات العصبية عبر ضغوط عصبية تنشأ في المثانة وتمر إلى المركز النخاعي الشوكي ومنه إلى الدماغ حيث يتم الشعور بتلك الأحاسيس. وقد توجد أيضاً أعصاب غير ودية أو لا ودية قد تشارك في تقلصات عضلات المثانة عند التبول ولكن آليتها لا تزال غامضة.