مات مؤسس المملكة في العصر الحديث عصر الاتصالات والتقنية والإنترنت.. بعد ان سلم شعب المملكة تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين ودفع بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة وجذب من خلال سياسته الحكيمة اهتمامات العالم لأرض المقدسات والسلام والحب.. فلا عجب فكان الفهد طوال العقود الماضية من خلال موقعه ولياً للعهد أو ملكاً للمملكة العربية السعودية صاحب مبادرات سلام وصاحب عطاءات إنسانية عديدة.. واتخذت المملكة في عهده سياسة ثابتة وحكيمة إزاء التطورات الخليجية والعربية المختلفة.. من هنا لعبت المملكة أدواراً متميزة في أزمات وحروب الخليج وحرب تحرير الكويت وفي عودة السلام والأمن في لبنان.. ولعبت المملكة في عهد الراحل الفهد دوراً إيجابياً في السياسة النفطية.. قاد العديد من المعارك السياسية والاقتصادية وتصدى لأكبر مشاكل العالم العربي والإسلامي بحكمته ودبلوماسيته وخبرته في السياسة والحرب. قاد المعارك في صمت واتخذ أخطر القرارات في هدوء وقاد أكبر تنمية اقتصادية شهدتها المملكة في العصر الحديث.. واليوم ونحن نعيش لحظات الحزن والألم وبلادنا كل بلادنا في صدمة وذهول لوفة رجل السلام والخير.. فها هو العالم كله يتسابق على أرض المملكة.. عشرات الوفود السياسية والاقتصادية والعلمية تقدم تعازيها الحارة والعميقة لابن الوطن البار الذي أعطى الكثير لوطنه ولأمته الإسلامية وللعالم.. نعم لقد انتشرت المراكز الإسلامية التي تحمل اسمه في مختلف دول العالم لتساهم في خدمة الإسلام والمسلمين.. لقد قاد حبيبنا الفهد رحمه الله حركة التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وقاد النهضة الحديثة في بلادنا بصورة متنامية أدهشت العالم وكانت حديث وسائله الإعلامية المختلفة.. مما دفع بالعالم للاهتمام بالمملكة. وماذا بعد لقد كان الراحل أحد المؤسسين لمجلس التعاون الخليجي واحد كبار الداعمين للجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولسياسات السلام والتضامن والإنسانية والاستقرار في كل مكان في العالم لقد استطاع بحكمته وحسن تدبيره وتقديره لكافة الأمور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعالمية فكان بحق منارة عالية أنارت فأضاءت. ولا يمكن الحديث عن دور خادم الحرمين الشريفين في احباط التحديات والمؤامرات على بلادنا بمعزل عن دوره الأساسي في بناء المملكة سواء على مستوى القيادة أو على المستويات الاجتماعية العسكرية الثقافية والسياسية وعملية البناء التاريخية هذه لابد وان تواجهها تحديات من هنا وهناك والذي يتولى قيادة عمليات البناء لمسيرة الوطن والدولة هو وحده القادر على كشف التحديات ومواجهتها بقوة وفاعلية وبالتالي وضع الخطط والبرامج لاحباطها وتجاوزها.. وهكذا بدأت عملية البناء التنموي لمختلف مناطق المملكة وصراعها الطويل مع التحديات المحيطة بالوطن ففي خضم الظروف المريرة والصعبة برز خادم الحرمين الشريفين وهو من ذلك الطراز الذي يظهر فجأة كما يحدث في بعض الدول لقد تكون عبر فترة طويلة جداً من التجربة والخبرة والممارسة وعرف قبل تسلمه ولاية العهد ومن ثم ملكاً للمملكة.. لقد ظهر وتطور في ظروف فريدة من نوعها ولذلك كان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد ومنذ الساعات الأولى للبيعة.. العقل المخطط والعين الساهرة والحس الدائم بكل متطلبات المحيط الحاضر والمستقبل.. ومنذ الساعات الأولى لحكمه رحمه الله وهو يضع نصب عينيه خدمة وطنه والإسلام وما كان ذلك ليتحقق لولا ما توفر لشخصيته الفذة من رؤية صائبة وحكمة بالغة.. جعلت المملكة في عهده مملكة الإنجازات والفعل والتنمية. وجعلت عهده متميزاً بالعطاء والعمل ويكفيه فخراً ان في عهده تمت طباعة المصحف الشريف الذي انتشر في مختلف دول العالم وكهدية مجانية.. فما أروعها وأثمنها من هدية.. ويذهب الآن خادم الحرمين الشريفين إلى جوار ربه وقد ترك مملكة ثابتة الأركان بعون الله وتوفيقه كما ترك نخبة من الأبناء البررة والأخوان المخلصين الصادقين الذين سوف يواصلون المسيرة.. مسيرة الخير والعطاء لوطن الخير. {إنا لله وإنا إليه راجعون}.