الفوضى لدينا ليست سلوكيات، بل اجزم أنها جينات لا نستطيع الخلاص منها، تستطيع الحكم بالنظر من حولك، فمن أرقى الأماكن وأشرفها إلى أسوئها، اذهب لصلاة الجمعة في الحي الذي تسكنه سترى العجب العجاب، الكل يرمي بسيارته في أي مكان، على الرصيف، في منتصف الطريق، أمام أبواب المنازل القريبة للمسجد، جميع الطرق حول المسجد تجدها مسدودة، إذا كانت لديك حالة إسعافية وقت صلاة الجمعة فنصيحة ابتعد عن الطريق القريب من مسجد الجمعة، أيضا اذهب إلى باب المسجد ستجد منظر الأحذية بمنتهى الغرابة، متراكمة فوق بعضها البعض رغم وجود الرفوف وخلو بعضها، (خلقت لنا تلك الفوضى موهبة وهي سرعة البديهة للحصول على أحذيتنا من بين ركام الأحذية!!) لو قدر لك أن ترى منظر السيارات حول المسجد من الأعلى لوجدتها بنفس منظر الأحذية عند باب المسجد. الفوضى أيضا في قيادة السيارة، فهي احد أسباب مرض القولون العصبي و الضغط، القيادة لدينا تختلف، يجب أن تكون مشدودا مستعداً لأي طارئ، كانحراف سيارة أخرى من أقصى اليسار إلى اليمين دون أي (احم أو دستور)، أيضا اذهب لدورات المياه العامة أو تلك التي على الطرق ستجد التعريف لغة واصطلاحا (للفوضى والتخلف) في استخدام المرافق، ستجد أماكن غير قابلة للاستخدام البشري، ولا لسائر الكائنات الحية، (أوراق، نفايات، الجدران قلبت صفحات رسم، أحذية ملقاة، مياه مهدرة الخ)!! حصلت لي تجربتان أثبتتا لي الفرق بين جينات الإنسان العربي والشرقي، التجربة الأولى ذهبت برحلة على السيارة من (شمال نيويورك مدينة روشستر) إلى (لوس انجلوس) أي مسافة 2700 ميل، ومن الطبيعي ستضطر للحاجة لدورة المياه (كرمتم) والله لم أجد دورة مياه متسخة أو قابلة للنقد، جميعها نظيفة، بل إن بعضها كأن لم يستخدم من قبل، والتجربة الثانية (ذهبت من الرياض إلى الأردن إلى سوريا إلى لبنان ) فو الله لم أجد دورة مياه صالحة للاستخدام! في كل الاتجاهات لدي قناعة، نحن الشعوب العربية تمتعنا الفوضى، لا نحب التقيد و الالتزام، نشعر بسعادة عند تجاوزنا النظام، ننتشي عند تجاوز الطابور، نشعر بالانتصار في تجاوز الآخرين بغير حق، نتمنى أن نمتلك سيارة (دفع رباعي) فقط عند ازدحام الطرقات لكي نقفز على الرصيف للطريق الثاني متجاوزين الازدحام، لن أضع اللوم جله على المواطن البسيط بل أشرك أيضا صناع القرار بالسماح بتلك الفوضى دون العمل على التخلص منها بشتى الطرق (تعليميا و ثقافيا و عمليا) ولكن يبدو أن المسؤولين أيضا يحملون هذا الجين الفوضوي لذا لا يأبهون أو لا يلاحظون لأن المشهد طبيعي لديهم، والخلاصة أن الحل هو تحسين نسل جيناتنا بأكثر الشعوب نظاما وإتباع للأنظمة ليخرج لنا جيل يحترم النظام ويبتعد عن الفوضى.