كانت قاعة السينما غير مزدحمة، وكل الحضور أجانب باستثنائي أنا وأبنائي. بدأ عرض الفيلم وكان شعورا جديدا ومختلفا يخالجني، أن تملأ شاشات السينما مشاهد للرياض وأحيائها وأين؟ في لندن!!. حرصت كثيرا على مشاهدة فيلم "وجدة"، وكنت قد قرأت فكرته سابقا. أعتقد نجحت المخرجة هيفاء في ايصال الفكرة والهدف من هكذا فيلم. تبدو القصة لأول وهلة بسيطة، فتاة صغيرة "وجدة" تكافح لتحقيق حلمها والمتمثل في شراء "دراجة"!! تكافح لتجمع مالا لشرائها وهنا المال ليس عائقا كبيرا بقدر القيود والتفرقة بين فتى يحق له قيادة دراجة، وفتاة تحرم هذا الحق!. القصة لمن يتأمل أعمق من حلم فتاة بدراجة تقودها وتسبق بها ابن الجيران!! فيه رمزية لأحلام النساء والفتيات والتي قد تكون كبيرة وقد تكون أيضا بسيطة جدا لدرجة أن يستغرب البعض كيف تكون حلماً وهي من أبجديات الحياة اليومية المتاحة لكل انسان! لكن الأمر يختلف في مجتمعنا عندما يكون هذا الانسان امرأة!!. يتطرق الفيلم لأفكار جانبية كثيرة، من قبيل معاناة والدة "وجدة" مع والدها، وهي التي لم تنجب بعد "وجدة" لينتهي الفيلم بزواج والدها لعل الزوجة الثانية تنجب له!. عرج الفيلم على معاناة النساء مع السائقين وكيف يتعرضن للابتزاز المادي والمغالاة في الأجرة وكل هذا والسيارات متهالكة وعفى عليها الزمن. تطرق الفيلم أيضا لقسوة الطاقم الاداري على الفتيات وجو التعنيف والترهيب في المدارس. تقاطعت الأفكار السابقة، ولكن تظل الفكرة المحورية فكرة الحلم.. والمتلخص في "دراجة"!!. الفيلم نجح في عرض تفاصيل الحياة اليومية للأسر المتوسطة في السعودية وهذا جيد من ناحية عرض الفيلم في دور السينما في أوروبا وأمريكا، ليقدم صورة مختلفة عن التنميط الشائع للسعودية وكون الناس أثرياء جداً.. الخ. هناك ملاحظات على الترجمة التي أخلت كثيرا بفكرة الفيلم وبالحوار، كثير من المشاهد كانت تحتاج لتمهيد لأنها تعرض لتفاصيل سهل فهمها من قبل السعوديين، ولكن من الصعب قطعا فهمها بالنسبة للانسان الغربي. يظل الفيلم محاولة جميلة وعميقة وبسيطة للمخرجة هيفاء المنصور،أن تكون قيادة الدراجة حلماً كافحت "وجدة" لتحقيقه وحققته في النهاية رغم كل شيء. لكن للأسف ليت كل أحلام النساء كحلم "وجدة" تتحقق في النهاية!. في النهاية أتمنى أن نرى للمخرجة المبدعة "هيفاء المنصور" أفلاماً أكثر عمقاً وتفصيلاً لمعاناة المرأة لدينا..