هناك العديد من المشروعات تعاني من التعثر غير الطبيعي خاصة في قطاعات المياه والطاقة والتحلية وخطوط الأنابيب ومحطات الضخ، وهي معروفة ومدركة من أصحاب القرار في هذه الجهات، ولكن يحاولون بشتى الوسائل إيجاد الطرق والحلول من أجل تجاوز هذه المعضلة التي أصبحت لها أبعاد وخلفيات منظورة وأخرى خفية لا يعرف خفاياها وما يجري في كواليسها إلا الذين منحوا المسؤولية كاملة وتحملوا الأمانة رغم جسامتها بسبب المجاملة وإخفاء الحقائق والتماس العذر للشركات التي أوكلت إليها تنفيذ هذه المشروعات وفق إجراءات وأولويات وفي مقدمتها الاطلاع على البروفايل والسيرة الذاتية لهذه الشركات وما تملكه من خبرات وتجارب للتأكد من قدرتها على تنفيذ ما أسند إليها بكل دقة وإتقان. وأغلب الجهات الحكومية تعتمد في ترسية المشاريع على الذي يقدم أقل سعر وهذا في حد ذاته يعتبر سلاحاً ذا حدين لأن في مجمل الأعمال الذي يقدم أقل سعر لا يستطيع أن يتقيد ويلتزم بتنفيذ المشروعات وفق المواصفات الدقيقة التي يتطلع إليها المستفيدون. ومن أرض الواقع قد شاهدنا الكثير من الأحداث التي حصلت في نطاق المشاريع التي انكشف المستور من خلالها وهوت وتدحرجت واندثرت خلال دقائق معدودة عندما واجهها الأمر المحتوم لأنها لم تكن صلبة وقوية في قوامها وتصميمها وإنشائها والحديث عن هذا الموضوع يطول ويطول ولكن الكل يعرف هذه المشروعات وما حصل لها في مواجهة السيول والأمطار والسؤال الذي يطرح نفسه بأن كافة الأجهزة والمرافق الحكومية لديها إدارات للتصاميم والإشراف الفني والهندسي والرقابي ولكنها كما يبدو لم تتمكن من أداء دورها ومسؤوليتها بالكامل وهذا في حد ذاته يعتبر نكسة لأن تحمل الأمانة يحتاج إلى جرأة وإلى وضوح وإلى صراحة وعدم المجاملة من أجل إرضاء الإدارة العليا لأن هذه الإدارة العليا لن تقف معك عندما يسألك الله عن مدى ما أديته من إتقان في تحمل الأمانة وكما قال الله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً) ومن الأشياء المزعجة كذلك فإن هناك أساليب وطرقا ملتوية وغير واضحة تقوم بها بعض الأجهزة الحكومية بترشيح المسؤولين في مواقع مهمة ليكونوا أعضاء في مجالس الإدارة للشركات التي ترسى عليها تنفيذ المشاريع. ولذلك علينا جميعاً أن نكون حريصين في مواجهة هذه الإرهاصات التي في الغالب تكون آثارها على المدى البعيد وخيمة، وعندما يجلس المسؤول مع نفسه وينظر للأمور بنظرة هادئة ومتعقلة فإنه يدرك بأن عليه التراجع عندما يشعر بأنه سلك الطريق غير السوي والاعتراف بالخطأ فضيلة وأن يفتح الله على الجميع لأن كل هذه المشروعات المتعثرة وغير المستوفية للمواصفات ومحاولة تحمل المسؤوليات من أجل أشياء دنيوية قد تسبب عليه الدعوات من الناس والمجتمع الذين ينتظرون بفارغ الصبر هذه المشروعات من أجل خدمتهم وتحقيق أمالهم وتطلعاتهم. وقد تشرفت بمرافقة العديد من أصحاب السمو الملكي أمراء المناطق في الزيارات الميدانية والشاملة بمختلف المناطق والقرى والأرياف للاطلاع على تنفيذ هذه المشروعات ومطابقتها وملامستها لاحتياجات الناس وكان أصحاب السمو يحثون المحافظين وأعضاء المجالس البلدية والمدراء العموم بالحرص على تلبية احتياجات المواطنين وفق ما تسعى إليه الدولة تقديم الرعاية الكاملة في شتى المجالات وقد تشرف العديد من المواطنين ورجال الأعمال وشيوخ القبائل بالتقاء بأصحاب السمو أمراء المناطق وتم تقديم الشكر على الدور التي يقدم من أصحاب السمو في نطاق الحث للجهات الحكومية للتسريع في تنفيذ المشروعات والقضاء على التعثرات وسحب المناقصات عندما تأخذ وقتا أكثر من اللازم وهذا في حد ذاته مبادرة ومواقف إيجابية سوف يكون لها مردود فعال على المدى القريب ولكن على الوزارات والفروع التابعة لها تنفيذ التوجيهات السامية والكريمة من المقام السامي بأخذها بعين الاعتبار بالاهتمام بكل ما يحتاج إليه المواطن والمواطنة في شتى مناطق المملكة. ملاحظة: لقد تناقلت وسائل الإعلام عبر الصحافة المحلية المقروءة بأن ديوان المراقبة قد سحب الصلاحية من ثلاثة قياديين يعملون بجهتين حكوميتين تم التحفظ على اسميهما تنفذان مشاريع حيوية بعسير بسبب التلاعب في الترسية وبعض بنود العقود، وأشارت المصادر أن الجهتين سحبتا الصلاحيات من القياديين وتم تحويلهم إلى أقسام خدمية بعيداً عن الواقع ويأتي إعفاؤهم حفاظاً على المال العام وقد حصل كشف الكثير من التلاعب في الجهتين بالخطأ في أحد المرافعات التي قام بها الفرع إلى المقر الرئيسي. وهذا في حد ذاته يعد خطوة جيدة ولكن من المفروض أن تتبعها خطوات خاصة من ديوان المراقبة كونه يملك كل الإمكانيات والصلاحيات في كشف الحقائق وتحقيق العدالة وتنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة في هذا المجال. نسأل الله التوفيق لما فيه الخير والبركة والصلاح.