حتى فترة بسيطة كان الأطباء يعتقدون أننا نملك حاسة شم واحدة؛ ولكن اتضح لاحقا أن الإنسان يملك حاستين تجاه الروائح- الأولى الحاسة المعروفة تجاه العطور والمواد النفاذة. والثانية حاسة خفية قد لا يشعر بها الإنسان ولكنها تصل لدماغه عن طريق أنفه. ليس هذا فحسب بل اتضح أننا «نحن البشر» نملك رائحتين تميزان كلاً منا عن الآخر -الأولى هي رائحة العرق المعروفة؛ والثانية فورمونات «أو روائح جذب جنسية» تؤثر في سلوك الآخرين تجاهنا.. وبالذات الجنس الآخر!! والرائحة الثانية يصعب شمها أو الاحساس بها ولكنها تظل موجودة ومستقلة بذاتها «مهما وضعنا من عطور». وأطرف ما سمعته بهذا الخصوص أن الرئيس بوش الأب كان يشتكي دائما من قلة حظه في صيد السمك «الهواية المفضلة لديه»، وفي النهاية اكتشف أحد الخبراء أن الأسماك «التي تتمتع بحاسة شم قوية» تهرب من فورموناته الجنسية ونصحه بلبس جاكيت نايلون أثناء الصيد «ولست متأكداً من النتيجة»!! وفي الشهر الماضي فقط اكتشف الأطباء في جامعة زيورخ هورموناً خاصاً يجعل الآخرين يثقون بالطرف الآخر «ويعطونه أموالهم طواعية»، هذا الهرمون يدعى Oxytocin وتعمل رائحته «بعكس رائحة بوش» على جذب الآخرين ومنحهم شعورا بالطمأنينة والتسليم. ويعتقد أن هذا الهرمون هو المسؤول عن الشعور بالألفة التي تجدها الزوجة في ملابس زوجها وتجعل الأطفال يرتاحون لشم ملابس الوالدين . كما أنها مسؤولة عن شعور الإناث «في عالم الحيوان» بالاطمئنان وعدم النفور من الذكور في موسم التزاوج. غير أن هذه الرائحة «حسب منظم الدراسة ميشيل كوزفيلد» مسؤولة أيضا عن عمليات نصب كثيرة من محتالين يملكون تركيزاً عاليا منها -بحيث يمكن القول إن روائحهم تفقد الآخرين التحكم بقراراتهم!! هذا الاستنتاج الغريب ذكرني بدراسة قديمة تدعي أن سر الجاذبية «أو الكاريزما» لدى بعض الرجال تعود لامتلاكهم فورمونات خاصة، فقد لوحظ أن بعض الرجال لايملكون «لامال ولا جاه، ولا حتى وجه» ومع ذلك يتفوقون على غيرهم في جذب النساء، وهذه النتيجة تم التأكد منها من خلال 400 امرأة طلب منهن شم مجموعة «فنايل» لعدة رجال ففضل معظمهن فانيلة معينة ضمت تركيزا أكبر من الفورمون الذكري!! ومن أغرب الروائح المكتشفة رائحة «الانوستيرون» التي تضفي على حاملها «خفة الظل» بحيث يمكن لمرشحي الانتخابات استعمالها. ورائحة التريتارا الاستوائية التي تحث الآخرين على «الالتصاق» وضم صاحبها، وزهرة التبغ التي تغني رائحتها الجميلة عن التدخين وتجرع النيكوتين، و«خلطة» روائح يابانية تحث الجسم على افراز مادة النور اديرنالين في الدم «وهي المادة المعروفة بقدرتها على تفكيك الخلايا الدهنية وتخفيض وزن الجسم». هذه النتائج قد تكون جديدة في عالم البشر ولكنها قديمة وملاحظة في عالم الحيوان، فقد لاحظ مربو الماشية مثلا ظهور روائح ذكرية وأنثوية حادة في مواسم التزاوج. كما لاحظ الرعاة ظهور روائح تسبب الكراهية والاقتتال بين الذكور المتنافسة، في حين تعمد حيوانات كثيرة الى تحديد مناطقها الخاصة بإطلاق روائح يفهم مغزاها الجميع! على أي حال؛ حتى تكتشف تأثير رائحتك على الآخرين ..تحمم بنسبة أكبر، واستعمل عطورا أًكثر!