أعزائي المشاهدين، نرحب بكم في نشرة الأحوال الكهربائية حيث من المتوقع ليوم غد أن تصل نسبة استخدام الكهرباء في وقت الذروة مايقارب 89% من إجمالي الإمدادت الممكنة من شركة الكهرباء لطوكيو وضواحيها وذلك في حوالي الساعة الثانية ظهرا. ومن المخطط أن تصل كمية الكهرباء المستهلكة إلى 35.44 ميغاوات. وتجنبا لانقطاع الكهرباء، نتطلع إلى تعاونكم في ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية دوما وخاصة في هذا الوقت.. إذ في حال وصول نسبة استهلاك الكهرباء إلى معدل يتجاوز 100% فسنضطر آسفين إلى قطع الكهرباء وفق الجدول المرفق بمعدل ساعتين بالتناوب عن المناطق الخمسة التي تم تقسيم مدينة طوكيو إليها. ونتعهد إليكم بعدم انقطاع الكهرباء عن المستشفيات وغيرها من المرافق الحيوية في المدينة،، وفي الختام يطيب لنا أن نعرض عليكم أوقات الذروة ونسبة الاستهلاك المتوقعة لهذا الأسبوع. كان ذلك نموذجا، بتصرف، لما يتم بثه في التلفاز الياباني وخاصة وقت الصيف تحت مسمى "نشرة الأحوال الكهربائية ". والهدف منها توعية الناس بأن قضية استهلاك الطاقة الكهربائية هي مسؤولية كل مؤسسة وكل فرد وكل بيت. ولتوضيح الصورة فقد كانت المفاعلات النووية تزود اليابان بحوالي 29% من إجمالي الطاقة الكهربائية في عام 2010م،، بيد أنه وبعد أزمة فوكوشيما النووية وكارثة زلزال شرق اليابان العظيم ومع قرار الحكومة بإغلاق معظم المفاعلات النووية، فقد تقلصت النسبة إلى العشر (2.9%) فقط عام 2012م،، وعليه كان أمام اليابانيين تحد كبير في ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية. إذن ماذا فعل اليابانيون لترشيد استهلاك الطاقة ؟؟ قامت مؤسسات بإطفاء نصف أنوار الممرات في المباني وكذلك الحال في المطارات وبادرت بعض المؤسسات إلى خلع المصابيح لكي لا تستهلك طاقة حتى وهي مغلقة. وراحت الشركات تتنافس على إصدرات منتجات كهربائية تخفض الاستهلاك الكهربائي وتوفر الطاقة. أما مصانع السيارات والأجهزة الكهربائية فقررت منح موظفيها إجازات في وسط الأسبوع أيام الذروة وطلبت منهم العمل خلال فترات إجازة آخر الأسبوع لتخفيف الحمل على الشبكة الكهربائية أوقات الذروة. وفي وسائل الإعلام والمدارس انطلقت حملات توعية في ضرورة ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية. ومع دخول موسم الصيف لا يرتدي موظفو الشركات والقطاعات الحكومية السترات وربطات العنق ويكتفى بالقمصان قصيرة الأكمام لمنع الشعور بالحرارة الزائدة. ويتم بالمقابل ضبط درجات الحراراة في المكيفات ( 28 درجة ) ولأوقات محددة. وللجامعات أيضا إسهاماتها حيث تتضمن الصفحة الرئيسة على الانترنت لمعهد طوكيو للتقنية كمية الكهرباء التي يتم استهلاكها ونسبتها إلى إجمالي الطاقة المتوفرة ويتم إصدار بيانات عن استهلاك كل كلية وقسم وإدارة للطاقة الكهربائية ومدى قدرتهم على الترشيد حيث وضعت الجامعة نسبة 10% كهدف سنوي لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية. وتم تشييد مبنى الابتكار البيئي بتصميم اشتمل على 4500 خلية شمسية في مختلف الاتجاهات بما حقق نسبة 100% من الاكتفاء الذاتي في الطاقة الكهربائية.. وفي جامعات يابانية أخرى يتم تعيين مجموعات من الطلاب كداعمين لترشيد استهلاك الطاقة في الجامعة عبر التأكد من إغلاق الأنوار والأجهزة التي لا يستخدمها أحد ونشر الوعي بين الطلبة. وليس الأمر مقصورا على اليابانيين! فالأوروبيون وضعوا هدفا لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية بمعدل 20% حتى عام 2020م،، وفي لوس أنجلوس تم تغيير 140 ألفاً من مصابيح أعمدة الإنارة في الطرقات العامة إلى نوعية أكثر ترشيدا للطاقة بتقنية (LED) واستطاعوا نتيجة لذلك توفير 10 ملايين دولار أمركي سنويا من مصاريف فواتير الكهرباء وصيانة مصابيح الإنارة حيث إن التقنية الجديدة تطيل عمر المصابيح إلى 10 سنوات. كما تتجه مدن مثل سان فرانسيسكو وسياتل إلى تغيير مصابيح إنارة الشوارع إلى التقنيات الجديدة الأكثر ترشيدا في استهلاك الطاقة الكهربائية. ماذا عن العالم العربي؟ رغم الجهود المشكورة المتمثلة في إنشاء مؤسسات وطنية لترشيد الطاقة في المملكة وأكثر من بلد عربي وانطلاق الحملات التوعوية في التلفازات فتظل نتائج هذه الجهود مرهونة بالتطبيق ونشر الوعي بتضافر جهود وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم وخطباء المساجد وكل فرد في المجتمع. ولا يخفى على الكثيرين أن المملكة لا تصدر الغاز الطبيعي للخارج رغم كونها سادس دولة عالميا من حيث احتياطيات الغاز نتيجة الاستهلاك المحلي المتزايد. كما تعد المملكة حاليا خامس دولة في العالم من حيث استهلاك النفط (بعد أمريكا، الصين، اليابان والهند) بتقديرات عام 2010 وبالمعدلات الحالية سنستهلك محليا ثمانية ملايين برميل يوميا عام 2030 بثمن بخس ريالات معدودة يمكن أن تدر الكثير على اقتصادنا لو صدرت للخارج أو استثمرت في الصناعات البتروكيماوية. واندونيسيا مثال حي حيث كانت تصدر النفط للعالم وبسبب الاستهلاك المحلي المتزايد للطاقة الكهربائية أصبحت دولة مستوردة للنفط منذ عام 2004م.. ولذلك فلا عجب أن تنظر بعض الدول إلى قضية ترشيد استهلاك الطاقة في إطار الأمن القومي! وأخيرا،، إن الحضارة والتقدم هي إنارة عقول وفكر قبل أن تكون إضاءة أبراج وطرقات، ولنتذكر أن إطفاء الأنوار والأجهزة التي لا نحتاجها الآن من شأنه بإذن الله أن يدعم الاقتصاد وينير المستقبل لأبنائنا وأحفادنا في وقت قد يكونون فيه لأمس الحاجة لكل قطرة بترول.