دمج طلبة ذوي الإعاقة من فئة الصم والإعاقة الفكرية والتوحديين، وكذلك المكفوفين وغيرهم في مدارس التعليم العام، مع أقرانهم الأسوياء في فصول ملحقة خاصة بهم يعد تجربة فريدة، ورؤية تربوية ناضجة تمهد لإعداد ذوي الإعاقة أصحاب الفكر والإمكانات العالية إعدادا تربويا وتعليميا للعمل في المجتمع عكس ما كان معمولاً به سابقاً من العزل في مدارس ومراكز ومعاهد داخلية لكل فئة من فئات الإعاقة بنظام اليوم الكامل أو الجزئي، والذي أثبت فشله تربوياً وأكاديمياً واجتماعياً ونفسياً، ما دعا المتخصصين والمهتمين في تربية وتأهيل المعوقين على مستوى دول العالم إلى المطالبة بضرورة توفير أفضل أساليب الرعاية التربوية والمهنية للمعوقين مع أقرانهم العاديين في مدرسة واحدة، معتبرينها الحاضنة الرئيسة لرعاية التلاميذ، والبيئة الطبيعية التي يمكن للطلاب والطالبات ذوي الإعاقة والعاديين أن ينموا فيها معاً على حد سواء، وذلك بعد إجراء بعض التعديلات في تلك البيئة لتلبي الاحتياجات الأكاديمية والتربوية والاجتماعية والنفسية الخاصة بأولئك الطلبة، ما تكسبهم خبرات متنوعة، بل وتمكنهم من تكوين مفاهيم صحيحة وواقعية عن العالم والمحيط الذي يعيشون فيه ويختلطون به، وهذا ما دعا وزارة التربية والتعليم ممثلةً في الإدارة العامة للتربية الخاصة بتطبيق فكرة الدمج والتوسع فيه عن طريق استحداث برامج الفصول الملحقة في المدارس العادية، وتقليص المعاهد الخاصة والمراكز النهارية، وهي بلا شك خطوة ايجابية وتجربة ناجحة لمس نجاحها كل من عمل في الميدان التربوي مع فئات التربية الخاصة حيث يلاحظ التغير الكبير في السمات والخصائص التربوية والاجتماعية والنفسية والشخصية والمستوى الأكاديمي بعد أن يمضي على التحاق الطلبة ذوي الإعاقة في المدرسة العادية عدة أشهر، وأضف على ذلك زيادة التقبل الاجتماعي للطلبة ذوي الإعاقة من أقرانهم العاديين وكذلك التفاعل الايجابي، ورغم النتائج الايجابية التي حققتها تجربة الدمج سواء في المملكة أو دول العالم ونتائج الدراسات والأبحاث العلمية كالدراسة الوطنية لتقييم تجربة المملكة في مجال دمج الطلبة المعوقين في مدارس التعليم العام، إلا أن هناك ثمة في المجتمع من الآباء تنظر لهذه الخطوة من زاوية سلبية ضيقة وتطالب بإعادة ذوي الإعاقة إلى مراكز العزل الخاصة بهم بمبررات تافهة تلبيةً لرغبة ابنهم " المدلل " الذي رفض الذهاب إلى المدرسة لأنه يصاب بنوبات خوف عندما يرى زميله المصاب بإعاقة فكرية كل صباح!!، لنتقي الله ونتذكر بأن الله عز وجل هو من وهب تلك الأسرة أبناء لديهم إعاقات وقادر على أن يبتليك بإعاقة.