دمج برامج الصم والتربية الفكرية والتوحد وبرامج الإعاقة البصرية والحركية والموهوبين في مدارس التعليم العام مع أقرانهم الطلاب الأسوياء تجربة فريدة ورؤية تربوية ناضجة تمهد إلى إعداد ذوي الاحتياجات الخاصة أصحاب الفكر والإمكانات العالية للعمل في المجتمع. ويعتبر دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام برنامجاً شغل الكثير من المهتمين والمتخصصين في تربية وتأهيل المعوقين في دول العالم، والذي نص على ضرورة توفير أفضل أساليب الرعاية التربوية والمهنية للمعوقين مع أقرانهم العاديين، لذلك تعتبر المدرسة هي الحاضنة الرئيسة لرعاية التلاميذ في التعليم العام وهي البيئة الطبيعية التي يمكن للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والعاديين أن ينموا فيها معاً على حد سواء، بعد إجراء بعض التعديلات في تلك البيئة لتفي بالاحتياجات الأكاديمية والاجتماعية والنفسية الخاصة بأولئك الأطفال واتضح أن الدمج يتيح للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فرصة تعلمهم مع بقائهم في منازلهم مع أسرهم طول حياتهم، وهو وسيلة تعليمية مرنة تعمل على زيادة التقبل الاجتماعي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من أقرانهم العاديين، وإتاحة فرصة التفاعل الاجتماعي وإيجاد بيئة واقعية يكتسب فيها الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة خبرات متنوعة من شأنها أن تمكنهم من تكوين مفاهيم صحيحة وواقعية عن العالم والمحيط الذي يعيشون فيه وهذا ما دعا وزارة التربية والتعليم - ممثلة في الإدارة العامة للتربية الخاصة - تطبيق فكرة الدمج والتوسع فيه عن طريق برامج الفصول الملحقة في المدارس العادية، وبذلك يعتبر الدمج تجربة ناجحة ينادي به المختصون وأولياء الأمور والطلاب أنفسهم. وحول هذه التجربة علق الدكتور عبدالله الحسين "المدير التنفيذي للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم سابقا والباحث المشارك في الدراسة الوطنية لتقييم تجربة المملكة في مجال دمج التلاميذ" وقال: لقد بدأت وزارة التربية والتعليم في تطبيق تجربة دمج ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في مدارس التعليم العام بعد التعرف على التجارب الناجحة للدمج التربوي في الدول المتقدمة مثل أمريكا والسويد والتي أثبتت نتائج الكثير من الدراسات نجاحها، ولم تكتف الوزارة بنتائج تلك الدراسات بل قامت بتقييم نتائج تجربتها للتأكد من نجاحها، والتعرف على جوانب قصورها من خلال محورين هما الاعتماد على الجولات الإشرافية التي يقوم بها المشرفون التربويون في التربية الخاصة، والمحور الثاني من خلال إعداد دراسة علمية أجراها فريق متعدد التخصصات في التربية الخاصة من أعضاء هيئة التدريس بقسم التربية الخاصة بجامعة الملك سعود، والأمانة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم شملت 29فرضاَ،وللتحقق من صحة فروض الدراسة قام فريق البحث بتوفير عدد من المقاييس والاختبارات التحصيلية شملت مقاييس للسلوك التكيفي، والاتجاه نحو الدمج وأثره، وواقع برامج الدمج، ومفهوم الذات، وخمسة وعشرين اختباراً تحصيلياً مبنياً على المنهج الدراسي في كل من مادتي القراءة والرياضيات. وأشار إلى أن نتائج الدراسة وأثبتت بصفة عامة نجاح تجربة الدمج في المملكة كما تضمنت النتائج مجموعة من التوصيات البحثية والتوصيات التربوية التي سيساهم الأخذ بها في تحقيق مزيد من النجاحات في مسيرة التربية والتعليم.