فقدت ليالي شهر رمضان وأيامه جزءا كبيرا من حالة البساطة والحميمية الاجتماعية التي عاشها كبار السن والكهول في الزمن الماضي، وأصبحوا يتذكرونها بألم وحسرة، وكيف كانت الصلات والرحمة تجمع أبناء القرية أو الحارة لا سيما في شهر رمضان المبارك التي تظهر فيه أعلى وأسمى درجات تلك الرحمات والتواصل الذي حثنا عليه ديننا الحنيف. الحياة المدنية بكل تفاصيلها وتعقيداتها ألقت بظلالها على رتم الحياة حتى غدت مملة لمن عاش الحياة السابقة بحلاوتها وبساطتها، إلا أن قرى الأحساء وحواريها لا تزال تحافظ على جانب من تلك البساطة، فعندما تقوم جولة في ليالي رمضان في تلك القرى سترى تلك الشوارع والأزقة تعج بباعة البليلة والأكلات الخفيفة في (البسطات المنتشرة على الأرصفة)، ويجلس أصحاب البسطات متجاورين دون أن يكون لقربهم من بعض حساسية التنافس. ورغم طغيان الألعاب الالكترونية والأجهزة الذكية على الشباب والصغار على مدار العام، إلا أنه ومع دخول شهر رمضان فإن لعبة الفيشة وبعض الألعاب الشعبية الأخرى تظهر من جديد في كثير من الساحات والأحياء، ويستغل من يملكون هذه اللعبة رمضان لتأجيرها مقابل مبلغ رمزي. الفيشة تجد اقبالاً استثنائياً في رمضان وخلال جولة ل (الرياض) في قرية القرين "شمال الأحساء" وجدنا انتشاراً للكثير من كشكات بيع البليلة والبطاطس المقلي وإلى جوارها يمارس بعض الصغار لعبة الفيش وسط حالة من الحماسة والتصفيق والتنافس، وفي حديث معنا أوضحوا أنهم يستأجرون الفيشة مقابل ريال واحد للنصف الساعة، ولم يخفوا سرورهم بقضاء وقت ممتع وحماسي، فيما يحرص بعض الشباب على بيع ورق العنب والبليلة، ورغم تحقيقهم أرباحاً بسيطة إلا أنهم يجدون في ذلك جانب من الاعتماد على النفس وقضاء وقت نافع. الصورة ذاتها ستجدها في غالبية القرى التي يتجاوز عددها الأربعين قرية، كما ستجدها في حارات المدن كالهفوف والمبرز والعمران، ويبدي الكثير ارتياحه مع الحفاظ على جوانب من البساطة والتقليدية في مجتمعهم خصوصاً في شهر رمضان المبارك، ويعتقدون أن هذا جزء من خصوصية المجتمع الأحسائي البسيط والمتحاب. أخوان أمام بسطتهما في ثاني ليالي رمضان في الهفوف بساطة وحماس في شوارع الأحساء في ليالي رمضان بائع البليلة أمام بسطته