هذان مثلان مختلفا الدلالة. فيقال في المثل العامي (عصافير بسدرة), والعصافير هنا هي تلك الطيور الصغيرة التي اعتاد الناس على مشاهدتها في المنازل والبساتين والمناطق البرية, وتعرف في المصادر المتخصصة باسم العصفور الدوري أو عصفور المنازل, وهو من أكثر الطيور انتشاراً في العالم, ويعيش على شكل جماعات تسكن غالباً الأشجار مثل السلم والسدر والطلح. ولجنس الذكر منها اسم محلي في المملكة هو الكْحَالي بينما تسمى انثاه الأمَية, ويتميز هذا النوع بكثرة السِفاد والتناسل ولهذا تتكاثر بسرعة, وقلما تجد شجرة تسكنها العصافير إلا وفيها أفراخ متفاوتة الأعمار, وتستخدم الأفراخ والأم الزقزقة في الاتصال فيما بينها كما أن الذكر يزقزق كثيراً ويتراقص لجذب الأنثى إليه, ولذلك تكون الشجرة مصدر أصوات مختلفة ومتداخلة وغير متناغمة. يضرب المثل للضوضاء واختلاط الأصوات. أما المثل العامي الآخر فيقال (العصفور يهز الرشا). والهَز: تحريك الشيء. والرِّشاء كلمة فصيحة تعني الحبل والجمع أرْشِيَة, وإذا قلت أَرْشيت الدَّلْو أي جعلت لها رِشاء أي حبْل بقصد إخراج الماء من البئر, وهذا الحبل إذا لم يستخدم كان يُترك متدلياً من البكرة في أعلى البئر, وإذا وقع عليه العصفور على صغره وخفة وزنه فإنه يحرك الحبل قليلا رغم ثقل الدلو نسبيا. ويضرب المثل لعدم الاستخفاف بالضعيف والأشياء الصغيرة في قدرتها على التأثير. وقد سمعت من كبار سن أن هذا المثل كان أكثر ما يستخدم لبث الحماس في نفوس صغار السن خلال بدايات تكليفهم بإخراج الماء من البئر, فيكون ذلك دافعاً لأن يقبلوا على العمل.