من نعم الله العظيمة على هذه الأمة، ان تفضل عليها بشهر رمضان، فهو شهر كريم عظيم مبارك وشهر الله خير ومغفرة ورحمة، فكل لحظة من لحظات هذا الشهر الكريم تتصف بالعظمة والبركة، بركة في الوقت وبركة في العمل وبركة في الجزاء، فالله عز وجل اختص هذا الشهر الكريم بمزايا وخصائص وفضائل عظيمة، وبذلك أصبح أفضل الأزمنة فهو شهر أنزل فيه القرآن الكريم، وهو شهر الصيام والقيام، وهو شهر التوبة والمغفرة، وشهر العتق من النار، وشهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وهو شهر الصبر فالصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم؛ لأن الصوم يحبس النفس عن شهواتها وملذاتها، وشهر مضاعفة الحسنات فالسنن بمنزلة الفرائض في الأجر والمثوبة فالفريضة الواحدة فيه تعادل سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الجود والاحسان، فالجود من الباري جل وعلا يجود على عباده بالمغفرة والعتق من النار والجود من العباد بعضهم على بعض، فالغني يجود على الفقير بما أنعم الله عليه، وهو شهر التراحم والتعاطف بين العباد فالغني يرحم الفقير والقوي يرحم الضعيف والراحمون يرحمهم الرحمن، وهو شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر التي جعل الله العمل فيها خير من ألف شهر، والمحروم فيها من حرم خيرها، وهو شهر اجابة الدعوات وخاصة في لياليه الشريفة التي يتحرى فيها ليلة القدر، هذا شهر هذه مزاياه وخصائصه وفضائله العظيمة فحري بنا ان تعرف حقه وان نقدره حق قدره وان تغتنم أيامه ولياليه الشريفة وان تستغل أوقاته الثمينة فيما يرضي ربنا، فوقت المسلم أمانة عنده، وهو مطالب بعدم اهداره فيما لا فائدة منه، فالصحابة رضوان الله عليهم كان الوقت عندهم أغلى وأعز من المال، وان المال يعوض، والوقت لا يعوض، وخاصة أيام هذا الشهر الفضيل. يقول الإمام ابن الخوري - رحمه الله - ينبغي للإنسان ان يعرف شرف زمانه وقدره فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم فيه الأفضل من القول والعمل، ولتكن بغيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل. وفي الختام اسأل الله ان يجعلنا وإياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام ويغفر لنا ذنوبنا ويعتق رقابنا ورقاب والدينا من النار ويسكننا ووالدينا وذريتنا وأزواجنا فسيح الجنان وان يعيننا على صيامه وقيامه إنه جواد كريم.