تجاوز بصعوبة السياج الخرساني المرتفع الذي يفصل بين الطريق والحي الذي يسكن فيه.. كاد أكثر من مرة أن يقع على الإسفلت.. عند تجاوزه السياج اتكأ على طرف السياج وهو يتنفس بصعوبة بسبب التعب والربو الذي يعاني منه وتشتد نوباته عليه في هذه الأيام الحارة المشبعة بالغبار والأتربة والرطوبة. مازال ينهج من التعب نظر إلى الطريق فوجده يزدحم بأسراب السيارات التي تنطلق في سباق مجنون دون هوادة.. بعد أن أخذ قسطا من الراحة مد قدمه يريد أن يتجاوز الطريق إلى الجانب الآخر.. كادت سيارة مسرعة أن تقتلع قدمه دون رحمة.. عاد للوراء مرعوبا ليتكئ على السياج وهو يكاد يسقط من شدة الهواء الذي تركته السيارة المسرعة في المحيط الذي يقف فيه.. كرر محاولته أكثر من مرة عساه يستطيع العبور للجانب الاخر من الطريق لكن محاولاته باءت بالفشل حيث تنطلق منبهات السيارات القادمة بسرعة لتنبهه وتحذره من التجاوز حتى لا يكون فريسة لعجلاتها ويقع ضحية لجنون سائقيها الذين لم يعد للمشاة في عرفهم حق في الطريق. نظر بحسرة وألم إلى الجانب الآخر من الطريق الذي أصبح محرما عليه الوصول إليه بسبب هذه السيارات والشاحنات المجنونة.. بصق بحنق على احدى السيارات المسرعة التي كاد سائقها أن يلصقه في السياج الخرساني عندما انحرف بها في اتجاهه لتجاوز سيارة أخرى. لعن كل سائقي السيارات الذين مروا في الطريق لأن حياة الناس أصبحت عندهم رخيصة تمنى أن يرى رجل مرور ليساعده في تجاوز الطريق بسلام ولكنه لم يجد حوله إلا أزيز إطارات السيارات المجنونة تمنى أن يكون للمشاة قناطر خاصة تمكنهم من عبور الطرق بسلام.. ترك أمنيته على قارعة الطريق وقفل راجعا إلى الحي الذي يسكنه يتسلق السياج الخرساني بصعوبة وهو يجر قدميه ببطء ليتمكن من تجاوز السياج اللعين.