حركة الانتقالات التي تشهدها سوق اللاعبين المحترفين في السعودية؛ خصوصاً تلك التي تتم على مستوى الأسماء البارزة قد يظن المتابع البسيط لها أنها تجسد المعني الحقيقي للتعاطي الاحترافي بين كافة أضلاع العملية الاحترافية، بينما الواقع يقول عكس ذلك تماماً. ما يحدث فعلياً لا يعدو سوى عملية تدوير للفشل لا أكثر من ذلك، فانتقالات اللاعبين التي تتم وإن كانت تظهر في شكلها الخارجي ما يمكن اعتباره حراكاً طبيعياً في مجرى الاحتراف؛ ولكنها في المضمون إثبات لعجز الأندية؛ وخصوصاً الكبيرة منها عن إنتاج اللاعبين المميزين ما بين موسم وآخر، وعجزها قبل ذلك عن تطوير وتنمية المواهب التي تملكها؛ بدليل الواقع الذي تعيشه الكرة السعودية مع اللاعبين المهاجمين وتحديداً في مركز رأس الحربة. لنأخذ الهلال مثلاً فتعاقده مع مهاجم الشباب ناصر الشمراني الذي كان أصلاً مهاجماً للوحدة قبل ذلك وإن كان يمثل صفقة من العيار الثقيل في جانب، خصوصاً إذا ما قسناها بمعايير الواقع الفني السيئ للكرة السعودية؛ لكنه في الجانب الآخر يكشف معاناة الهلال المزمنة في هذا المركز، إذ يكفي أن نعرف أن زعيم الكرة السعودية قد بات عاجزاً عن ولادة مهاجم بمواصفات نجم منذ نحو عقدين ونصف؛ إذ إن مهاجم صريح قدمه للفريق الأول هو سامي الجابر. الأمر ينسحب على الشباب الذي فاجأ الوسط الرياضي بالتعاقد مع مهاجم الاتحاد نايف هزازي كبديل عن الشمراني، وهو التعاقد الذي وصف بأنه "ضربة معلم" حيث جاء كتعويض سريع عن رحيل نجم الفريق الأول، لكن هذا التوصيف لا يلغي حقيقة أن هزازي وإن كان نجماً لامعاً بمعايير الجماهير؛ لكنه ليس كذلك بلغة الأرقام، فهو منذ أن ارتدى قميص الاتحاد لم يكن في أي موسم من المواسم من بين المنافسين على لقب الهداف بل إنه في الموسمين الأخيرين خارج تصنيف الهدافين العشرة، لكن يعذر الشباب لأنه غير قادر على تعويض رحيل الشمراني خصوصاً وأن ماكينة انتاج اللاعبين قد توقفت عن صناعة المهاجمين منذ سنوات أيضاً، فناجي مجرشي كان آخر المهاجمين الذي أنتجتهم. ما يصدق على الهلال والشباب يصدق كذلك على الأهلي، إذ يكفي أن كل مهاجمي الفريق الأساسيين والاحتياطيين في الأهلي لديه كلهم من خارج خط إنتاج النادي الذي يفاخر بأكاديميته التي تخرج له المواهب، وهو الذي عجز عن تقديم مهاجم واحد من سنوات بعيدة أيضاً، مثله في ذلك النصر إذ يكفي تواجد السهلاوي والراهب وسعود حمود القادمين من خارج أسوار النادي لنقف على الحقيقة. الأمر لا يقف عند تلك الأندية فقط بل ينسحب على كل الأندية السعودية ، إذ ما استثنينا الاتحاد الذي قدم في الأعوام القليلة الماضية نايف هزازي وفهد المولد، واللذين لم يسجلا نفسيهما كمهاجمين فذين أسوة بالمهاجمين الأفذاذ الذين أنجبتهم الكرة السعودية، وفي ما عداه فإن الواقع يؤشر على أزمة صعبة تعيشها، وهي التي تكشف حقيقة العقم الذي تعانيه بحيث لم تعد قادرة منذ سنوات على ولادة مهاجم بمستوى "سوبر ستار".