يشكل اليوم العالمي لمكافحة المخدرات مناسبةً للتذكير بآفة المخدرات وويلاتها، وما تسببه من أخطار وأضرار مختلفة، ويسعدنا في مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات بمجلس التعاون لدول الخليج العربية ان نشارك كل مجتمعنا في الخليج العربي ودول العالم الاحتفال به في كل عام، ويأتي هذا اليوم لتحفيز كل الهمم واستنفار كافة الجهود الفردية والمؤسسية في سبيل مواجهة هذه الظاهرة والسيطرة عليها، باستخدام كافة السبل والإمكانات. كما ان مناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، تعيد إلى الأذهان الأخطار البالغة الخطورة للمخدرات والتحديات المختلفة التي تطرحها في كثير من المجتمعات، وما ينتج عنها، من أضرار صحية واجتماعية واقتصادية تلحق بالفرد والمجتمع في آن واحد، خاصة وان الفئة المستهدفة دائما في مثل هذه الظروف تكون هي الاكثر انتاجاً وحيوية لا سيما فئة الشباب الذين يشكلون بقدراتهم وطاقاتهم، عدّة الحاضر وأمل المستقبل، من المعروف ان أخطار هذه الآفة وتحدياتها، لا يقتصر فقط على الاجهزة المختصة وانما يتعداه إلى جميع فئات المجتمع ويفرض علينا جميعاً المزيد من التنبه واليقظة تجاه مهربي هذه السموم ومروجيها، هذا بجانب التصدي لكل الأساليب والتي تتطور يوماً عن آخر للوصول الى مبتغاهم دون اي اخلاق تذكر. واحدة من أخطر المشاكل التي يعاني منها العالم أجمع في وقتنا الحاضر هي المخدرات. فهي تعد من أخطر الآفات المدمرة للمجتمعات البشرية ومحطمة لطموح وعقول الأجيال الشابة بالأمم وتفقدهم التوازن في حياتهم، ومصدر قلق يهدد البشرية وتعمل على تدمير الكيان الأسري، وتؤدي إلى التفكك الاجتماعي وتزعزع نمط الاقتصاد الوطني وبالتالي تكدر صفو الأمن والنظام القومي، ونظراً لتلك الظروف والمستجدات والمتغيرات الراهنة التي يشهدها العالم أجمع بشكل عام ومنطقتنا الخليجية بشكل خاص، الأمر استدعى من الدول الأعضاء إلى بذل مزيد من الجهود واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والأمنية واستغلال كل طاقاتها لمواجهة تلك المتغيرات إقليميا ودولياً، من خلال تعزيز الجهود المشتركة والتعاون الدولي للعمل على مواجهتها ومكافحتها والتصدي لها أولاً بأول لحماية مجتمعنا الخليجي وذلك من مخاطرها. ونظراً لكون ظاهرة المخدرات عالمية الملامح والأبعاد، بسبب انتشارها الواسع عبر الدول والقارات، فان مكافحتها تقتضي تعزيز أوجه التعاون بين الجهات المتخصصة في هذا المجال، وعلى كافة المستويات الوطنية والإقليمية والدولية حتى يتسنى تطويقها، وشل حركة مهربيها، والحد منها عرضاً وطلباً، وهذا ما سعت اليه قيادتنا الرشيدة في دول المجلس ممثلة بأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حفظهم الله ورعاهم من خلال مباركتهم السامية لإنشاء مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في العام 2008م، واتخذ من الدوحة مقراً له، ليشكل دافعاً قوياً لجهود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دعم وتعزيز العمل الخليجي المشترك في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والرقابة على السلائف والمواد الكيمائية وجميع الأنشطة الإجرامية ذات الصلة والحد من انتشارها في مجتمعاتنا الخليجية، وذلك من خلال الارتقاء بالأداء وآليات العمل الأمني بين الدول الأعضاء إلى مستوى التحديات فضلاً عن تطوير التنسيق والتكامل والترابط فيما بينها ومع الجهات المختصة في جميع الميادين، من خلال تفعيل الاتفاقيات الثنائية والدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية حول العالم. ويهدف المركز تفعيل عملية تبادل وتحليل المعلومات الجنائية لدعم وتعزيز العمل الخليجي المشترك في مجال مكافحة جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية وممارسة الرقابة على السلائف والمواد الكيمائية والحد من انتشارها للانطلاق بأمن المنطقة نحو الأفضل، بجانب تأهيل وتدريب الكوادر العاملة في مجال مكافحة المخدرات في دول الخليج العربية، وجمع المعلومات وتحليلها وتنظيمها وتبادلها مع الجهات المعنية بالدول الأعضاء مما يساعد إلى حد كبير في التحقيقات الجنائية في قضايا المخدرات وتبعياتها، مع متابعة أحدث الأساليب الحديثة للفكر المحترف في تهريب المخدرات وجرائمهم، ودعم جهود الأجهزة المعنية وتطوير التعاون والتنسيق بين دول المجلس في مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية وفرض الرقابة على السلائف والمواد الكيمائية والجريمة المنظمة العابرة للحدود ذات الصلة محلياً إقليمياً ودولياً. وأخيراً لا يسعنا بهذه المناسبة؛ إلاّ التوجه إلى كل المواطنين داعين إلى توخي الحيطة والحذر من هذه الآفة وأخطارها، ودعم الجهود الرسمية المبذولة لمكافحتها، والمساهمة بكل الإمكانيات المتاحة لمواجهة تحدياتها، وحماية مجتمعاتنا من ويلاتها، والنأي بشبابنا عن مآسيها، ويبقى الأمل كبيراً في أن يشكل هذا اليوم فرصة واعدة لتحقيق المزيد من التوعية بأخطار المخدرات وتحصين البشرية جمعاء من آلام هذه الآفة ومآسيها المفجعة، وعلينا جميعاً أن نرفع الشعار هذا العالم عالياً " اجعل صحتك الجديدة للحياة، وليس للمخدرات". * مدير مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية