إن كانت مكةالمكرمة قد امتازت عن مدن العالم باحتضانها لبيت الله الحرام والبقاع الطاهرة فإن هناك ميزة أخرى بدأت في الظهور مؤخراً تمثلت في كثرة أعداد الباعة الجائلين والمتسولين عند الإشارات الضوئية وداخل الأسواق التجارية وبالساحات المحيطة بالحرم المكي الشريف في ظل غياب الرقابة والمتابعة من قبل أمانة العاصمة المقدسة ومكتب مكافحة التسول إضافة إلى الدوريات الأمنية التي لم نعد نرى لها أي وجود سوى في نقاط التفتيش للبحث عن رخصة واستمارة. «الرياض» أرادت أن تسجل بعضا من المشاهد بالطرق الموصلة إلى الحرم المكي الشريف فكان شارع أم القرى المدخل الرئيسي للقادمين من جدة إلى مكةالمكرمة هو الطريق الذي تم اختياره لكثرة المرتادين له من القادمين من المملكة وخارجها ولعل أولى الإشارات الضوئية والواقعة بميدان زمزم هي البداية الأولى لظاهرة الجائلين والمتسولين المتنقلين بين السيارات دون خوف على أرواحهم أو تردد من القبض عليهم وأخذوا في تزايد مستمر فواحد يبيع المياه الباردة وآخر يبيع منتجات خزفية وثالث يبيع منتجات خشبية ورابع متسول وخامس للحلويات وسادس وسابع دون حصر لعددهم وكأن الإشارة الضوئية تحولت إلى سوق تجاري متنقل إضافة إلى المتسولين الذين تنوعوا ما بين رجال ونساء وأطفال يحن لهم القلب. وما ان تفتح الإشارة حتى نرى عملية انسحابهم إلى الرصيف ثم عودتهم مجدداً عند إغلاقها ولم تكن إشارة ميدان زمزم هي الوحيدة فما ان تصل إلى الإشارة الثانية حتى تجد نفس الاسلوب والطريقة إلى أن تصل إلى أنفاق السوق الصغير وتصعد سلالمها حتى تجد نفس الاسلوب الذي وجدته في أولى إشارة ضوئية صادفتك وكأن لسان حال الجائلين والمتسولين يقول بحريتنا نسير ولا مراقبين لنا ولا مكافحين. وسؤالنا هنا أين إدارة الأسواق بأمانة العاصمة المقدسة وأين مكتب مكافحة التسول وأين الدوريات الأمنية عن مثل هؤلاء والذين ان شكلوا ظاهرة سلبية لمكةالمكرمة ومواطنيها والمقيمين فيها فإنهم يشكلون خطراً على قائدي السيارات بتحركاتهم المتسارعة وقد سجلت غرفة عمليات المرور أكثر من حادثة دهس نجم عنها اصابات ووفيات أمام سوق الحجاز ولم يكن للأمانة من دور سوى إنشاء كبري معلق للمشاة وكأنها تقول الحوادث ناتجة من التنقل من طرف إلى آخر وليس من الباعة الجائلين والمتسولين. وكان للاجازة الصيفية دور بارز في كثرة الجائلين والمتسولين وارتفعت نسبة مبيعات المياه الباردة نتيجة لارتفاع درجة الحرارة في مكةالمكرمة وضمان الأرباح المرتفعة للبائعين وارتفاع المبيعات مما جعلهم يشكلون حلقات تجارية متصلة ببعضها البعض وموزعة على كافة الأحياء وخاصة عند الإشارات الضوئية وكما توزعت الأدوار فقد توزعت الجنسيات أيضا وأصبح لكل شارع جنسية خاصة تتولى عمليات البيع والتسول دون أي تدخل أو تطفل من جنسية أخرى. ولا تنحصر عمليات البيع والتسول خلال فترة النهار بل تمتد أيضاً إلى ما بعد منتصف الليل بعد أن ضمن الجائلون والمتسولون غياب الرقابة عنهم فمن يتولى القضاء على هذه المشكلة ومتى نحول إشاراتنا الضوئية إلى مواقف نظامية لحركة السير.