مع كل إجازة صيفية يقفز تحدٍ استثمارها أمام عديد من الأسر، حيث يكون لدى الأبناء وقت فراغ طويل، قد لا يتم استغلاله بما ينفعهم، إذ يقضي غالبية الصغار أوقات الإجازة بين مشاهدة التلفاز والألعاب الإلكترونية والسهر، ولكن حتى لا تتحول عطلتهم إلى مضيعة للوقت؛ يمكن الإفادة منها بطرق أخرى ترتقي بمهاراتهم، وتكون ممتعة في الوقت نفسه. وتعدّ الإجازة وقتاً مثالياً لتعريف الأبناء على مواهبهم أو تنميتها، وتعلم مهارات جديدة في مراكز التدريب المتخصّصة في اللغة أو التقنية، وتزيد فاعلية هذه البرامج عند إشراك الأبناء عقب انتهاء العام الدراسي؛ لأنّهم ما زالوا متأثرين بإيقاع الدراسة العملي، ومستعدين لتلقي المزيد من العلوم والمعارف، ويمكن الموازنة بين ذلك وإتاحة الفرصة للإبن بممارسة ما يرده بشكل منظم. وقد يكون السفر أحد أقوى الأنشطة في الإجازة الصيفية، إلاّ أنّ فلسفة السفر ومفهومها تبدو وكأنّها غائبة عن كثير ممن اعتادوا مغادرة أرض الوطن، فتحولت السياحة في الإجازة الصيفية عادة موروثة بكل مفاهيمها السلبية، حيث يمارس الشخص روتينه اليومي، ويظهر ذلك خصوصاً على من اعتادوا السفر لجهة معينة في كل عام، فهم ينتقلون بكل عاداتهم اليومية لا يتغير من نمط سلوكهم شيء إلاّ في النادر. المقاهي وجهة الشباب ليلاً معاهد صيفية وذكرت "فوز العبدالغني" أنّ هناك نسبة كبيرة من الأسر لا يرد في ذهنها فكرة تسجيل الأبناء والبنات في المراكز الصيفية أو المراكز العلمية والدراسية المتخصصة، وبعضهم لا يمكنه ذلك لظروفهم المادية، وذلك لارتفاع تكاليف برامج الالتحاق في هذه الدورات؛ مما لا يتيح الفرصة لأصحاب الدخل المحدود إلحاق ابنهم فيها، وإذا كان لديهم أكثر من ابن فتسجيلهم يحتاج إلى مبلغ كبير، مبيّنةً أنّ المعاهد والمراكز الصيفية أصبحت تقدم برامج مغرية ولكن أسعارها مرتفعة، مبيّنةً أنّها قررت أن تلحق ابنها وشقيقته في أحد المعاهد خارج المملكة، وهي فرصة لأن يسافروا جميعاً مع بعضهم. سياحة وتدريس وبيّنت "دلال العنزي" أنّها سوف تسافر مع زوجها وابنها للالتحاق بشقيقها الذي يدرس خارج المملكة، حيث أنّها تسعى لتسجيل ابنها في دورة بأحد المراكز المتخصصة في اللغة، إلى جانب الإفادة من ذلك في السياحة، معتبرةً أنّ المراكز في الخارج أقل تكلفة من الداخل، عطفاً على ما تقدمه للدارسين فيها من برامج، وفعاليات، ونشاطات ترفيهية وتدريبة، وزيارات تعليمية للعديد من المنشآت، فيما تنحصر الدراسة هنا في غرف الفصول، متمنيةً أنّ تنظم دورات تدريبية في أيام الإجازة لتعليم الأبناء فنون الرسم، وعلوم التقنية، إلى جانب تدريس الفتيات الطبخ، متسائلةً: "أين الجمعيات الخيرية عن هذه الفعاليات؟". وقالت "شعاع الصبرة": "الوقت مهم جداً وغالٍ لذلك وصفوه بالذهب، ومن هنا وجب علينا استغلاله فيما ينفع ويفيد، وهذا العام سجلت ابني في معهد لغة، حتى يستفيد من وقته في العطلة الصيفية الطويلة، فهو الآن في السنة الثانية متوسط، وأتمنى أن تكون لغته الانجليزية أفضل؛ تحضيراً للمستقبل". تبادل الزيارات وأضافت "نزيهة الحسين" أنّ الإجازة الصيفية تحتاج لمن يستثمرها كثيراً في مختلف المجالات، سواءً في تجديد البيت وصيانته، أو إلحاق الأبناء في دورات في بالداخل أو الخارج حسب إمكانات الأسرة، مع تخصيص وقت للترفيه وحضور المهرجانات، وتبادل الزيارات بين المعارف في المدن الأخرى، واقتناص الفرصة للخروج في نزهات ترفيهية لشواطىء البحر في الهواء الطلق، لما له من فوائد صحية على الأسر. برامج خاصة وأشارت "ابتسام الفلاحي" إلى أنّ ثقافة استثمار الاجازة الصيفية شبه غائبة، مبيّنة أنّها شاهدت في العام الماضي برنامجاً في احدى القنوات الاجنبية حول كيفية استثمار الإجازة، حيث طلبوا من الأسر التي ترغب في المشاركة أن يراسلوا الهيئة المسؤولة باقتراحاتهم، وكانت الفكرة أكثر من صائبة، بل وجدت تجاوباً كبيراً، إذ اختارت اللجنة زيارة للمتاحف والمهرجانات الشعبية، متمنيةً أنّ تنظم الجهات المعنية بالسياحة في المملكة رحلات سياحية جماعية في ربوع الوطن، وإعداد برامج لزيارة مدائن صالح، والمتاحف في الرياض. الحياة الزوجية وأكّدت "منيرة الزهراني" على أنّ الإجازة الصيفية فرصة كبيرة للعديد من الأسر لاستثمار أوقاتها في تعليم وتدريب أبنائهم في مجالات عديدة تفيدها في حياتهم المستقبلية، مضيفةً: "الكثير من فتياتنا للأسف بعيدات عن المطبخ، وبات الاعتماد على الخادمة شيء طبيعي في حياتهم، وهنا تقفز المشكلة لو جاء إحداهن نصيبها، وهي ليست على علم ودراية بأصول وفنون الطبخ، بالطبع قد يغفر الزوج لزوجته عدم معرفتها، ويكون رجلاً صبوراً ويتحملها، لكن ليس كل الازواج يحملون الاحساس والمشاعر نفسها، إلاّ أنّ هناك من يعتبر إبداع الزوجة في أمور الطبخ والبيت شيئاً مهماً، بل وضرورياً، لذلك انصح كل فتاة أن تستثمر وقت الاجازة في تعليم نفسها كل ما يفيدها في حياتها الزوجية".