سريعة هي الايام وكم تمنيتها كذلك لأراك أمام عيني شابا يافعا في كامل رجولتك.. نعم رجل بكل ماتعنيه الكلمة من معنى، رجل في صوته القوي الثائر، في نظراته وحديثه، رجل في غيرته وحميته.. أراك أمام عيني ومع كل نظرة تلتأم بك جراحاتي، مع كل نظرة تتلاشى آلام الماضي الكئيب الذي بك يتحول الألم فيه إلى أمل، والحلم حقيقة.. نعم يابني.. حتى مع مشيب رأسي أرى المستقبل في عينيك، حتى بعد ما احدودب ظهري أريد الحنان من لمسة يديك.. بني.. أرهقتني الدنيا، أذاقتني الويلات عشت كالشجرة الهزيلة أصارع الرياح لأجل البقاء، تتساقط أوراقي الواحدة تلو الاخرى؛ فقد مات ابوك وأنت جنين في أحشائي، بلا سابق انذار، مات في حادث مروع، فجعت لموته؛ فلقد مات من كان يسندني ويحميني، مات من كان يسليني ويؤنسني، لم يكن زوجي فقط بل كان أمي وأبي والدنيا بأسرها لكنه مات وانطفأت شمعة حياتي الا من حركة في جوفي تبعث في نفسي بصيص أمل..أنت يابني منذ أن كنت جنينا وأنا اعول عليك انتشالي من أمواج الحزن والاسى إلى شطآن النور والحياة، كنت أعايش مراحل حياتك يوما بيوم، كنت كالشمعة احترق لاضيئ لك الدرب في ظلمة الحياة، ذقت أنواع الذل لتجد أنت اللقمة الهانئة..وهاقد كبرت يابني وبالرغم من التجاعيد التي خطتها السنين على جبيني الا انني أرى الدنيا فتية بنشوة شبابك.. أراها أجمل وأنا في كنفك وتحت رعايتك..بني.. لقد تعاهدنا أن لانفترق، لقد أعطيتني المواثيق والعهود على أن لاتتركني.. بني لقد داويت جراحي، ولملمت آهاتي، بني.. لقد كنت نعم الابن البار.. فلماذا تنقض العهد؟؟ لماذا تخون الوعد؟؟؟ لماذا ترحل مثل مارحل أبوك وتفجعني بموتك وتتركني وحدي في العراء شجرة حدباء. ولكن هذه المرة بلا أوراق..