إن المعيار الحقيقي الذي يُعتمد عليه لتقييم أي مؤسسة تعليمية هو مدى جودة مخرجاتها، فمن المعلوم أن الطالب يعكس صورة حقيقة للجهة التي ينتمي إليها، من خلال إبداعاته وخلقه وتفانيه في سبيل تحصيل العلم، والأمر ذاته ينطبق على الموظف في ميدان العمل، حيث إن إنجازاته وما يقدمه من خدمة لمجتمعه ووطنه يعود فضلها لله أولا ثم للصرح التعليمي الذي علمه وأهله بطريقة مثالية ليكون لبنة صالحة ومتينة في بناء أمته. ومما يدعو للفخر ولاعتزاز أن مجموعة من طلاب قسم التقنية الميكانيكية بكلية ينبع الصناعية قد جسدوا إبداعاتهم على أرض الواقع، وأثبتوا أنهم يمتلكون من المعرفة والمهارة ما يجعلهم قادرين على إظهار ذلك للملأ ليسطر التاريخ أن أبناء الوطن متى ما أُعطوا الفرصة ووجدوا البيئة المناسبة المحفزة على العطاء يستطيعون وبكل جدارة منافسة أقرانهم في شتى بقاع العالم. لقد تمثل إبداع هؤلاء الطلاب بتصميم وتصنيع نموذج متقن لطائرة تم اختبارها مؤخرا بنجاح. والفكرة بدأت عندما أبدى أربعة طلاب رغبتهم بجعل مشروع تخرجهم تصميم طائرة، على إثر ذلك وجدوا التشجيع والدعم من قبل رئاسة القسم، وعلى الفور وضعوا خطة للعمل بمساعدة المشرفين على المشروع من أساتذة الكلية، ثم طفقوا يجمعون ما يحتاجونه من معلومات، وبعد التحضير للمشروع، حان موعد الخطوات العملية التي كان في مقدمتها التصميم والرسم الهندسي والعمليات الحسابية المتعلقة باتزان وكفاءة الطائرة أثناء تحليقها في الجو، وتلك حسابات معقدة تستند إلى قوانين ونظريات فيزيائية؛ حيث إن إقلاع الطائرة يتطلب مقاومتها لجاذبية الأرض وفي ذات الوقت يتم التحكم بها حتى لا تخرج عن السيطرة. وفي خطوة لاحقة تم تصنيع جسم الطائرة وجناحيها في معامل الكلية، أما المحرك وجهازا الإرسال والاستقبال فقد حدد الطلاب مواصفاتها المناسبة ومن ثم شراؤها من إحدى الشركات المتخصصة. ولما اكتملت أجزاء الطائرة تقرر تجميعها وتثبيت كل جزء في مكانه الصحيح، عند هذه المرحلة بات مشروع الطلاب الذي بذلوا الوقت والجهد لانجازه جاهزا لأصعب مرحلة وهي مرحلة الاختبار. لقد كان مكان الاختبار الساحة الرياضية لكلية ينبع الصناعية وزمانه 4/5/2013م، وبحضور رئيس قسم تقنية الهندسة الميكانيكية د.عبد العزيز الحليفي، إلى جانب المشرفين على المشروع وهما د.عادل عفيفي والمهندس أسامة علي، وأيضا أبطال المشروع وهم الطلاب الذين شاركوا في تنفيذه تم اختبار الطائرة، وقد اكتمل المشروع بإقلاع الطائرة وتحليقها في الجو ومن ثم هبوطها بنجاح. وفي هذا الصدد لابد من شكر حكومة خادم الحرمين الشريفين على الدعم اللامحدود لكل ما من شأنه رفعة الوطن وتقدمه في شتى المجلات، والشكر موصول للهيئة الملكية للجبيل وينبع فدورها رائد في خلق بيئات تعليمية محفزة للإبداع والابتكار.