في روايته الغرائبية الأجواء «حورية الماء وبناتها» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2013)، يسرد الكاتب والشاعر السوري الكردي سليم بركات قصّة تُزاوج بين الرعب والجنون. إنّها حكاية رحلة بحرية في سفينة سياحية، ركّابها موعودون بمشاهدة رقصة فريدة تؤديها حوريات لدقيقتين، لا أكثر، في موضع من بحر تريتونفال. هذه الرحلة هي رحلة هذيان حيث الركّاب الذين من حاضر عصرنا (ربّما) يحملون تروساً لا تفارقهم، وينامون على الأسرّة بقباقيب حديد في الاقدام، ويستحمّون باللهب بدل الماء. الرعب والجنون، معاً، بقواعد كالهذيان، هي رحلة هذه الرواية التي لا ينجو فيها أحد من أحد: جرائم هادئة. رغبات بلا قيد. فوضى السلوك شرط ضبطها الأوحد هو المزيد من النهم إلى التقويض. هذه الرواية هي، اختصاراً، ذلك الجزء الذي لم ينجزه الرسّام هيرومنيموس بوش من لوحته «حدائق الملذات الأرضية».