شهد هذا الأسبوع اجتماع قادة دول مجموعة الثماني، المتمثلة بالمملكة المتحدة، الولاياتالمتحدةالأمريكية، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، كندا، اليابان، وروسيا. عقد هذا الاجتماع في منطقة بحيرة لوخ إيرين، إيرلندا الشمالية، وتنتج هذه الدول مجتمعة نصف الناتج المحلي الإجمالي (GDP) على مستوى العالم. وكان هذا دور المملكة المتحدة لاستضافة وترؤس القمة 39 لهذه المجموعة. تطرح في هذه القمم أمور هامة تتعلق بالتخطيط والأمن والتعاون. في هذا المكان يجتمع ثمانية من قادة العالم لبحث الأمور المشتركة في مجال الأمن الدولي والرخاء. وقد حددت المملكة المتحدة ثلاثة أهداف لهذه القمة: الضرائب والشفافية والتجارة. وبينما أكتب هذا المقال، لا تزال الأفكار المستخلصة من الاتفاقيات، التي تم التوصل إليها خلال يومين من المباحثات، تشهد توالدا مستمرا. وعلى الرغم من اختلاف مشاربهم، إلا أن قادة مجموعة الثمانية يدركون أنه يجب مواجهة أصعب القضايا العالمية سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو محلية أو دولية. أعلم أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، يؤمن بشدة بأن النتائج تأتي بالأفعال لا بالأقوال، ولقد بادر بالفعل باتخاذ خطوات عملية لإثبات مدى التزام المملكة المتحدة للمضي قدما بالقضايا الاقتصادية العالمية، وبالأخص عقب ما طرح من مواضيع في اجتماع القمة. ولقد أعلن عن انطلاق المفاوضات المفصلة حول أكبر صفقة تجارية ثنائية عالمية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا، التي تمهد الطريق لمزيد من الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف والعالمية. إن ميثاق لوخ إيرين الذي تم التوقيع عليه من قبل كافة الدول الأعضاء لمجموعة الثماني يوم الاثنين يمثل النية الصادقة لدعم الضرائب المنصفة وزيادة الشفافية والتجارة الحرة. كانت مأساة الصراع في سوريا أيضا موضوعا رئيسيا للمناقشة في مؤتمر القمة في لوخ إيرين، التي تعتبر جزءا جميلا من بلادي ونموذجا واقعيا عن إمكانية التغلب على الخلافات الطائفية واستعادة السلام. قبل أقل من عشرين عاما مزقت النزاعات ايرلندا الشمالية جراء اقتتال الفصائل المتناحرة حيث كان كل فصيل يقاتل من اجل قضيته. أما اليوم فإن ايرلندا الشمالية تحقق نموا سريعا كجزء من المملكة المتحدة وتعد بمستقبل مشرق. وفي سوريا التي شغلت فيها منصب السفير ولدي العديد من الأصدقاء، يتفاقم الصراع الحالي مع الطائفية المتزايدة ويبدو أكثر خطورة يوما بعد يوم. وقد يختلف أعضاء مجموعة G8 بشأن أفضل السبل لوضع حد لهذه الأزمة التي تشكل مأساة لسوريا وتهديدا للمنطقة. لكن، كان من دواعي سروري أن أعرب جميع الأعضاء عن تأييدهم لعقد مؤتمر جنيف بشأن عملية انتقال السلطة، كما أننا تمكنا معا من التعهد بتقديم 1.5 بليون دولار أمريكي كمساعدات إنسانية للتخفيف من معاناة النازحين والمشردين داخل سورية وفي البلدان المجاورة. بالطبع المساعدات وحدها لا تكفي. لذا اتخذت المملكة المتحدة مع فرنسا زمام المبادرة في أوروبا سعيا لدعم المعارضة بطرق أكثر عملية وفعالية. وما يزال هذا الجهد مستمرا. ما نريد أن نراه جميعا هو وضع حد للعنف واستعادة الحكم العادل. لا توجد إجابات سهلة، وكانت ثمة اختلافات عديدة فيما يتعلق بالوضع في ايرلندا الشمالية. لكن ما أثبتته ايرلندا الشمالية الحديثة يؤكد أهمية توفر العزيمة والمثابرة في سبيل التوصل للسلام والاستقرار، بصرف النظر عن مدى صعوبة الطريق. إن الشعب السوري يستحق دعمنا من أجل التوصل إلى مستقبل سياسي جديد, آمن ومستدام. * السفير البريطاني لدى المملكة