مازلنا والعالم من حولنا نعيش إرهاصات فيروس كورونا الجديد والذي حتى كتابة هذا المقال يتسبب بالعديد من الوفيات – نسأل الله الرحمة والمغفرة لمن توفوا والصبر والسلوان لذويهم. وفيروس كورونا كغيره من الأمراض المُعدية سوف يتسبب بموجات أخرى من الإصابة والتفشي بين المجتمعات البشرية. ولان الأمراض المُعدية لا تعترف بحدود ولا تحتاج جواز سفر وتنتقل أحيان أخرى من الحيوان إلي الإنسان فاننا بحاجة ماسة إلى مناقشة موضوع الأمراض المُعدية من زوايا عديدة: الزاوية الأولى: التعاون الخارجي الأمراض المُعدية هي عدو لجميع بني الإنسان وتنتقل من شخص لآخر بأبسط الطرق كالعطس مثلا، وإذا ما حدثت إصابات جديدة بفيروسات جديدة فلابد من التعاون الدولي لإنه لا أحد يستطيع القول بأن هذا الفيروس يخص مجتمع بعنيه فمن حق المجتمع الدولي المشاركة بالبحث والتقصي حتى يتم التعرف على الفيروس بشكل سريع حتى يتمكن المجتمع الدولي من الحد من انتشاره. والبحث العلمي والتعاون فيه لا يعني التنازل عن الحقوق الخاصة بالدولة التي يظهر فيها الفيروس. التعاون الخارجي قد يكون ضرورة خاصة عندما تكون خبرة الناس قليلة بالفيروس الجديد أو يحتاجون إلى خبرة علماء متخصصين ولهم باع طويل في البحث العلمي. الأمراض المعدية عدوة للبشرية ومن حق البشرية حماية بعضها البعض. الزاوية الثانية: التعاون الداخلي التعاون الداخلي قد يكون البديل للتعاون الخارجي وهو أفضل بالطبع من التعاون الخارجي شريطة أن يكون هناك علماء قادرين على سبر أغوار الفيروسات الجديدة والعمل عليها بشكل سريع والتعاون الداخلي يخدم مصالح البلد الذي يظهر فيه الفيروس الجديد بما في ذلك حقوق الملكية والنشر وحقوق ما يُعرف بإسم MTA " Materials Transfer Agreements" وقد تحتاج الدولة التي يظهر فيها الفيروس إلى سن بعض القوانين التي تحكم العلاقة بين المتعاونين خاصة لوجود تضارب مصالح شخصية تدور حول النشر وطبعا حقوق الملكية الفكرية وما ينتج عنها من موارد مالية واكتشافات. ونحن هنا بدورنا ندعو إلى التعاون الداخلي بكل أشكاله في مجال البحث العلمي. العالم أجمع يتعاون فيما بينه والأوراق العلمية المنشورة توضح التعاون العابر للقارات فقد تجد ورقة علمية قام بتأليفها العديد من الأشخاص الذي كل منهم يقبع في قارة بعيدة عن القارات الأخرى. فما الذي يمنع التعاون الداخلي إلا إذا غلبت المصالح الشخصية على مصلحة الوطن. الزاوية الثالثة: قبل 1580 يوما طالبت بإنشاء قاعدة بيانات للأمراض المُعدية من خلال مقال نُشر بجريدة الاقتصادية بتاريخ 27/2/1430ه الموافق 22 فبراير 2009 بالعدد رقم 5613. بهذا المقال طالبت بإنشاء قاعدة بيانات تحتوي على كل الأمراض المعدية سواء كانت فيروسية أو بكتيرية. قاعدة علمية تحتوي على البصمات والترتيبات الوراثية لهذه الأمراض وتكون مربوطة بالمعلومات الوبائية والإكلينكية حتى تكون مرجع لنا في حالات التفشي الجديدة وليتم مقارنة ما هو جديد فنفشي بما هو لدينا في قاعدة البيانات. إن قاعدة البيانات تقينا التخبط بإذن الله ويتم معرفة الحادث الجديد بسرعة ونعرف إذا ما كان جديدا أو إعادة تفشي مرض قديم وذلك من خلال مقارنة البصمات الوراثية الموجودة بقواعد البيانات. إن الدول الغربية لديها قواعد بيانات واعطي مثالا هنا مرض الدرن والذي تسببه جرثومة الدرن. جرثومة الدرن يتم تصنيفها وراثيا إلى العديد من السلالات والعوائل وخزنت البصمات الوراثية لهذه السلالات بقواعد بيانات للعديد من السنوات ويتم مقارنة بصمات وراثية جديدة بما هو موجود في هذه القواعد. الزاوية الأخيرة: الشفافية مطلوبة في أي طرح علمي بين المواطن والمسؤول. عادة الناس تبحث عن المعلومة وهم يتلقون كل ما يصدر سواء من قريب او بعيد، وأعجبني تصريح وزير الصحة معالي الدكتور الربيعة الواضح والصريح عما يخص فيروس كرونا. واتمنى على الجميع أن يتخد من الشفافية وسيلة ومنهج حتى لانقع في التهويل أو التهوين. أسأل الله العلي القدير أن يحمي الوطن الغالي ومواطنيه من شر الأمراض المعدية ومن كل ما هو مكروه ودمتم بخير.