الحوار كلمة صغيره ولكن يندرج تحتها معان كثيره فالحوار ليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض والحوار درجات وتعتمد هذه الدرجات على نوعيته وطبيعة الأشخاص المتحاورين ومستواهم العلمي والثقافي. هناك وللأسف من يعتقد بأن الحوار يكون برفع الصوت والصراخ، وهناك من يظن أنه بفرض الرأي، وهناك من يظن أنه ينتهي بانقسام وانشطار المجموعة، وهناك من يظن أنه بالشتائم والسب، والحقيقة أنه ليس ذلك كله وإنما بالكلام الهادىء والتفاهم والبعد عن السب والشتم واللعن والبذاءة كما ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم (ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولابذئ). أخي وأختي الحوار فن راق له قوانين وأنظمة ومهارات، ولايجيده إلا من كان الرقي ينبع من داخله، الحوار له شروط قد تكون صعبة في خارجها ولكن من يعتاد عليها ستصبح سهلة من داخلها مع الوقت والممارسة. من شروط الحوار الناجح الراقي الذي يسعى له كل شخص راقٍ في نفسه وتفكيره وأخلاقه وعلمه وعمله وحياته كلها: أن يكون ذا هدف بناء وليس فقط حوارا فارغا لا يحصد من وراءه إلا هدر الوقت وتلف للأعصاب. كذلك يتطلب من الشخص المتحاور أن يكون على قدر كافٍ من العلم والثقافة حتى يستطيع محاورة من أمامه بشجاعة وبثقة وبصيرة، وأن يكون ذا حجة قوية. أن يتميز بهدوء الأعصاب ومحاولة تقبل الآخرين، وأن يبتعد عن الحوارات التافهة غير المجدية، لذلك لا يتطلب منك أن تجيب أو تتقبل كل سؤال يطرح قبل معرفة الهدف والنتائج التي تعقب الإجابه عليه. كذلك الابتعاد عن رفع الصوت وعن السب والشتم ومحاولة وزن الكلام قبل خروجه حتى لاتندم. اعرف من تناقش، وناقش كل إنسان على حسب مستواه العقلي والثقافي والعلمي، ولا تسخر أو تستهتر بمن أمامك ولا تتوقع أن الناس سواسية في مستواهم أثناء الحوار فاذا ناقشك من لايستحق الحوار أو النقاش فلا تستحقره بل تعامل معه بالسمع والإنصات فقط. إحذر إقحام نفسك في أي حوار دون أن يكون لديك أي خلفية بالموضوع أو القضية المطروحة من أجل المحافظة على احترامك لنفسك واحترام الآخرين لك وألا تصبح أضحوكة في المجالس، فتقدير الذات أمر مطلوب والترفع بها عن سفاسف الأمور مهم. حاول أن تطور من مهارة الحوار لديك عن طريق القراءة وحضور ندوات خاصة بتنمية الحوار والرقي به، كما أنه من المهم تنمية فن الحوار لدى أبنائنا منذ نعومة أظفارهم حتى يستطيعوا أن يكونوا واجهة حضارية لبلدهم مستقبلًا، وهذا للأسف ما أشاهده في الدول الغربية حيث أنهم يمارسون الحوار مع أطفالهم منذ صغرهم لذلك نرى فيهم جانباً كبيراً من الثقه في النفس والقدرة على المحاورة. كن مؤدبا أثناء حوارك وحاول أن تستخدم كلمات توحي برقيك وأدبك كعفوا لو سمحت الخ، أيضا لا تنس الابتسامة ذات المفعول السحري في كل شيء وأن لا تكون فظاً غليظاً في حوارك ولنا في رسول الله قدوة حسنة حيث وصفه رب العزة والجلال بقوله تعالى (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) الآية. لابد من معرفة الهدف الحقيقي من الحوار وهو الوصول إلى معارف وثقافات وحلول وأن يكون هناك فوائد جمة من خلاله كالحوار في قضايا دولية أو قضايا سياسية أو قضايا اجتماعية أو قضايا شخصية أو قضايا أكاديمية، وأن لاتكون النتائج مسبقة كما هو مشاهد وللأسف الشديد في كثير من حواراتنا مع الآخرين. ولو نظرنا في الدول الغربية لوجدنا حواراتهم قائمة على منهجية علمية موضوعية توصل إلى نتائج متفق عليها، مع البعد عن التحيز والتعصب، فعند التزام جميع الأطراف بأساسيات الحوار الناجح فسوف تكون النتائج رائعة ومبهرة جدا وناجحة. وما أود الإشارة إليه في نهاية مقالي هو أن الحوار وآدابه قد حث عليها ديننا الإسلامي من خلال مصادره المتنوعة ولكن نحن بحاجة إلى إعادة النظر في ذلك ومحاولة تطبيقه كما أمرنا به هذا الدين.