هناك هدفان تنمويان جوهريان هما توفير السكن لأعلى نسبة من المواطنين، وعدم ارتفاع أسعار العقارات بما يثقل كاهل المواطن. والسعي إلى تحقيق الهدف الأول (توفير مساكن أو أراضٍ معدة للسكن لنسبة محدودة) دون مراعاة الهدف الثاني (ضبط أسعار العقارات عموماً) قد تكون سلبياته أكثر من ايجابياته. لقد تم الإعلان عن أكثر من آلية وخطة وبرنامج لتوفير المساكن، مع بطء شديد في التنفيذ مما أدى – ضمن عوامل أخرى بطبيعة الحال - إلى الارتفاع المستمر في أسعار العقارات خلال الثلاث سنوات الماضية حتى وصلت إلى أرقام قياسية مرهقة للطبقة المتوسطة، ومحدودة الدخل. وآخر هذه البرامج أن وزارة الإسكان أبرمت مع إحدى الشركات اتفاقاً لوضع برنامج ينص على تحديد أولوية الاستحقاق، بهدف الانتهاء من آلية تسليم الأراضي. وقد كان المؤمل من كل مواطن والمتوقع أننا بعد ثلاث سنوات من الأمر السامي التنموي التاريخي ببناء 500 ألف وحدة سكنية بجميع مناطق المملكة وتخصيص مبلغ 250 مليار ريال لذلك، في انتهاء أزمة المساكن بشكل كامل، بينما مازلنا في مرحلة تحديد من هم المستحقون، وهناك 1،8 مليون أسرة على قوائم انتظار قرض الصندوق العقاري. وكما ذكرت سابقاً فإن اللوم على التأخير لا يقع على وزارة الاسكان وحدها وقد تكون المسؤولية مشتركة مع وزارتي المالية والشؤون البلدية والقروية، وعلى كل حال هذا ليس موضوعنا اليوم. موضوعنا اليوم هو أن من المؤمل من الجهات ذات العلاقة إيجاد حلول عملية وسريعة لخفض أسعار العقارات ومن ذلك ما سبق طرحه عدة مرات حول ضرورة فرض الزكاة ورسوم على أصحاب الاراضي الكبيرة لإجبارهم على البيع، وأضيف اليوم مقترحاً أرجو دراسته - مع بقاء البرامج الأخرى لوزارة الإسكان - وهذا الاقتراح هو: قيام وزارة الاسكان بالاتفاق مع شركات عقارية متخصصة سعودية وعالمية بالمشاركة على أسس تجارية، بحيث تقدم الوزارة كافة التسهيلات للمطور، وضمان شراء الفلل، بينما تقوم تلك الشركات ببناء مجمعات سكنية ضخمة تضم أعداداً كبيرة من الفلل في كل مدينة، وبحيث يتم التركيز على الفلل الصغيرة من ثلاثة أدوار، مع وضع هامش ربح محدد، لا يزيد على 5% عن التكلفة التي أسهم بها المطور العقاري، وهي نسبة مناسبة، لأن الربح مضمون وسريع، بينما وزارة الإسكان لا تتقاضى أي ربح، بل إن أمكن تخصيص مبالغ من ميزانيتها لمساعدة المواطن الذي يثبت أنه لا يملك سكناً بنسبة معينة من قيمة الوحدة العقارية، بحيث تكون الأسعار النهائية للوحدات السكنية التي يدفعها المواطن معقولة وفي المتناول، أخذاً في الاعتبار أن بعض الأراضي قد تكون مجانية، وهنا نكون ضربنا عصفورين بحجر هما توفير أعداد كبيرة من المساكن للمواطنين، وزيادة المعروض في السوق من الوحدات العقارية. هذه مجرد مقترحات، من المؤمل دراستها بعد تطويرها، ليبقى الأهم في كل الأحوال العمل الجاد والسريع وفقاً لرؤية مدروسة ومبادرات طموحة قابلة للتنفيذ السريع من كافة الجهات الحكومية لتوفير المساكن وفي ذات الوقت خفض أسعار العقارات التي أرهقت كاهل المواطن.