أحدث الفتح مفاجأة العقد الجديد رياضياً حين حقق دوري «زين» للمحترفين أول مرة في تاريخه الذي أكمل 55 عاماً منذ تأسيسه. «دنيا الرياضة» تستعرض أدق تفاصيل موسم (أبناء الأحساء) أبطال الدوري وأسرار نجاحهم الذي أذهل الجميع. كلنا نتذكر كيف أحدث نادي مونبلييه الفرنسي معجزة كروية في عام 2011م حين حقق الدوري الفرنسي بعد ان كان يقبع في دوري الدرجة الثانية يصارع فرق الظل، إلا انه الطموح والإصرار والتخطيط، الذي قاد الفتح لإحداث المعجزة الكروية التي ما زال الوسط الرياضي السعودي والخليجي والعربي والآسيوي يتحدث عنها، وإن كان مونبلييه الفرنسي قد احتاج 11 عاماً ليستطيع تحقيق الدوري الفرنسي بعد تأهله لدوري الدرجة الأولى، فإن الفتح احتاج إلى ثلاثة مواسم فقط أهلته لاعتلاء هرم الكرة السعودية وتحقيق البطولة الأصعب التي تسيدتها ثلاثة أندية طوال العقد الماضي. الاستقرار حقق الذهب بنى الفتح إستراتيجيته على الاستقرار الذي نفتقده كثيراً في ملاعبنا السعودية بشكل خاص والعربية بشكل عام، قاد ثلاثي النجاح الأساسي عبدالعزيز العفالق وأحمد الراشد والتونسي فتحي الجبال وباقي رجالات الفتح مسيرة النجاح ببناء فريق طموح ينافس ويكسب ووضعوا هدفهم الأول الصعود للدوري الممتاز، في المواسم الثلاثة الأولى بعد الصعود من دوري الدرجة الثانية كان الهدف الأساسي البقاء في دوري الدرجة الأولى، والمتابع للفتح رأى أنه بدأ بالصعود تدريجياً حتى قطف ثمرة عمله العلمي الدقيق. الفتح في عام 2006م كان يحتل المركز 11 في دوري المظاليم كما كان يسمى حينها، في عام 2007م تقدم وانهى موسمه في المركز السابع في دوري الدرجة الأولى، في عام 2008م تقدم الفتح نحو الهدف وحقق المركز الخامس في الدوري، واصل (أبناء الأحساء) تقدمهم وفي موسمهم الرابع استطاعوا الصعود أول مرة في تاريخهم إلى الدوري الممتاز بعد ان حققوا المركز الثاني وصعدوا برفقة القادسية لدوري الكبار، كان ذلك عام 2009م، سار الفتح في الدوري الممتاز على نفس الإستراتيجية ضمان البقاء أولاً ثم التقدم، خلال الأربع سنوات حقق الفتح المركز الثامن ثم التاسع ثم صعد إلى السادس وفي هذا الموسم حقق اللقب في (خطة خماسية) حققت هدفها الرئيس في عامها الرابع. انسجام اللاعبين علاوة على الاستقرار الإداري والفني وبقاء فتحي الجبال للعام الخامس على التوالي أعلن الفتح عن استمرار قائمة لاعبيه الذين شاركوا العام الماضي وتسريح بعض الأسماء التي لا يحتاجها الفريق مقابل دخول عنصرين محليين فقط هما الظهير الأيسر مبارك الخضري من هجر ومحور ارتكاز القادسية مبارك الأسمري، والإبقاء على جميع اللاعبين الاجانب للموسم الثاني على التوالي وهم البرازيلي التون خوزيه ودوريس سالومو وكيمو سيسوكو والأردني شادي ابوهشهش، وهذا كان سبباً رئيس في التفاهم الكبير الذي اظهره اللاعبون بعضهم مع بعض ومع تكتيك التونسي فتحي الجبال، ليقدموا بطل دوري «زين» للمحترفين درساً لجميع الأندية السعودية تحت اسم (الاستقرار). إسقاط المنافسين ولأن البدايات صعبة فرط الفتح في فوز مستحق في افتتاحية الدوري الحلم أمام النصر بعد ان تقدم بهدف لم يحافظ عليه ليخرج بنقطة لم يتوقع أياً كان أنها كانت اول نقطة نحو الذهب، واجه الفتح الهلال في الرياض وفجر (أبناء الأحساء) يومها المفاجأة حين قلبوا الطاولة على «الزعيم» وحولوا تأخرهم إلى تقدم وفوز بهدفين لهدف جعلت من الفتح محط أنظار الجميع، تخطى الفتح الشعلة، ثم واجه حامل لقب الدوري الشباب الذي لم يخسر قبلها 34 مباراة متتالية في الدوري واستطاع «ازرق الشرقية» من إسقاط «الليث» برباعية كبيرة أوقفت رقم الشباب وأسقطته مقابل اعتلاء (أبناء الأحساء) الصدارة، واصل الفتح مسلسل الانتصارات بفوزه ست مباريات متتالية قبل ان يتعثر في حرمه بتعادل سلبي أمام الفيصلي ليعود الفتح بعدها للانتصارات عبر بوابة جاره وغريمه التقليدي هجر بثلاثية كبيرة حقق بعدها ثلاثة انتصارات متتالية على الوحدة والاتحاد والاتفاق على التوالي، أنهى الفتح بها مسيرة الدور الأول معتلياً صدارة الدوري من دون أي خسارة وبمؤجلة واحدة أمام الأهلي. النفس القصير والبطولة العربية بدأ الشارع الرياضي يتحدث عن (الظاهرة) الجديدة وكلٌ يدلي بدلوه إلا أن الأغلبية اتفقت على أن خبرة الفتح لن تسعفه نحو مواصلة الصدارة وأن المشاركة الخارجية حتماً ستؤثر في مسيرته في الدوري، وبما ان هدف إدارة الفتح ومدربه واضح، هو التركيز في الدوري ودعوا كأس الاتحاد العربي من دوره الأول على يد العربي الكويتي بالخسارة 3-2 في الكويت والتعادل بهدفين لمثلها في الاحساء، الخروج أعطى الفتح تركيزاً أكبر في المشاركة الأهم دوري «زين» للمحترفين، وبنفس سيناريو الدور الاول تماماً تعادل الفتح مع النصر في افتتاحية مشوار الدور الثاني أسقط الفتح بعدها الهلال في الأحساء بالنتيجة ذاتها ليخطو الخطورة الأكبر نحو اللقب فإسقاط المنافس الأول من أهم متطلبات تحقيق الدوري، تجاوزوا بعدها الشعلة والرائد، ليأتي المنعطف الأهم والأخطر في الدوري مباراتين في غاية الصعوبة إذا كسبها الفتح سيوسع الفارق كثيراً عن كل مطارديه وإن تعثر الفتح ستكون بداية السقوط وفق قراءة النقاد ومتابعي الرياضة السعودية، واجه الفتح الأهلي اول مرة في الدوري هذا الموسم وفي جدة ليخطف الفتح نقطة ثمينة بعد ان كان متاخراً بهدفين ليقود البرازيلي إلتون فريقه نحو تقليص النتيجة وتعادل في الدقائق الأخيرة بهدف الكونغولي دوريس سالومو لتنتهي المباراة بنتيجة 3-3، واجه الفتح الشباب في الاحساء وشهدت المباراة السقوط الاول لهم في هذا الدوري بعد ان قلب الشباب الطاولة عليهم وحول انتصارهم إلى فوز، توقع الجميع أن هذه الخسارة ستعصف ب (الظاهرة) وستقوده نحو مسلسل فقد النقاط. الانطلاق نحو اللقب خسارة الشباب الموجعة كانت نقطة التحول الأبرز والأقوى في مسيرة الفتح، إذ اجتمع رئيس النادي المهندس عبدالعزيز العفالق والتونسي فتحي الجبال مع اللاعبين وانتشلوهم من الخسارة في حفل عشاء أقيم في أحد استراحات الأحساء امر به المدرب فتحي الجبال الذي قال: «عشاء الخسارة قادنا نحو اللقب». حقق الفتح بعد الخسارة ستة انتصارات متتالية على التعاون ونجران والاتحاد والفيصلي وهجر وأخيراً في البطولة على الأهلي قبل أسبوعين من نهاية الدوري ليحقق (أبناء الأحساء) و(ظاهرة الكرة السعودية) اللقب أول مرة في تاريخه في ليلة تاريخية في الأحساء تفوق فيها «ازرق الشرقية» على الأهلي بهدف الموسم للمهاجم دوريس سالومو. الاستقرار على اللاعبين الأجانب ساهم في تألق الفتح خسارة من الهابط وفوز تاريخي في غمرة الفرح وبعد ضمان تحقيق الدوري سقط الفتح في مكةالمكرمة بخسارة من الهابط الاول لدوري «ركاء» للمحترفين للدرجة الاولى الوحدة بهدفين لهدف، انهى بعدها الفتح مسيرة الحلم الكبير بفوز عريض على الاتفاق في الدمام برباعية نظيفة تناوب على تسجيلها نجوم الفريق مبارك الأسمري وحمدان الحمدان وحسين المقهوي ودوريس سالومو، ليتوجوا يومها بذهب دوري «زين» للمحترفين. الإنجاز الأول والتاريخي الفتح الذي لم يحقق يوماً أي بطولة في تاريخه افتتح دولاب الذهب بأصعب بطولات المملكة وأكثرها شراسة (الدوري الممتاز) وهو من تأهل في موسمه 2002/2003م ثانياً برفقة الفيصلي نحو دوري الدرجة الأولى، وتأهل في موسم 2008/2009م من دوري الدرجة الأول إلى الدوري الممتاز ثانياً برفقة القادسية، ليبدأ «أبناء الاحساء» مسيرتهم من النقطة التي انتهى منها الآخرون. من «الثانية» إلى آسيا بعد أن كان يشارك قبل عشر سنوات في دوري الدرجة الثانية حجز الفتح المقعد الآسيوي الاول في النسخى المقبلة من البطولة، ليشارك أول مرة في تاريخه في البطولة الأكبر على مستوى (القارة الصفراء) التي توازي مساحتها نصف مساحة العالم، لكن هذه المشاركة لن تكون الاولى للفتح خارجياً بعد ان شارك الموسم المنصرم في كأس الاتحاد العربي، وتولي إدارة الفتح هذه المشاركة اهتماماً كبير إذ تطمح ان يكون لفريقها بصمة في تواجده القاري الأول. مغادرة كأس ولي العهد من دور الثمانية أوقعت قرعة كأس ولي العهد الفتح في مواجهة العروبة الصاعد حديثاً لدوري «عبداللطيف جميل» للمحترفين ولأن تركيز الفتح كان منصباً بالكامل على الدوري كاد ان يودع من الباب الكبير على يد العروبة إلا أن العنصر الاجنبي رجح كفة الفتح، وقفز به نحو دور ربع النهائي بفوزه على العروبة بنتيجة 3-2، وبعد أن هزم الهلال ذهاباً وعودة في الدوري جاءت المواجهة المرتقبة «للزعيم» الذي يرتبط مع البطولة بعلاقة حب كبير وهو الذي حقق لقبها ثماني مرات في آخر عشر سنوات فكان للهلال الكلمة الأعلى وأقصى الفتح من البطولة بهدفين من دون رد. رابع الأبطال تقول القاعدة الرياضية السعودية في السنوات الأخيرة إن من يحقق الدوري يخرج سريعاً من كأس الملك للأندية الأبطال نظير الجهد الكبير الذي بذله اللاعبون في الدوري الطويل والشاق وهذا ما حدث مع الفتح، الذي تجاوز الاتفاق في الدور الأول من البطولة بعد تعادل في الأحساء بهدفين لمثلها وفوز في الدمام بهدفين لهدف ليصعد بطل الدوري لدور الأربعة ويواجه الاتحاد بشبابه وقوته وجاهزيته، خسر الفتح مواجهته الاولى في مكةالمكرمة بهدفين من دون رد ليعود لمدينه الأحساء ويسقط سقطواً كبيراً بأربعة أهداف اتحادية كانت قاسية على بطل الموسم، واجه الفتح بعدها الأهلي في مباراة تحديد المركز الثالث في مكةالمكرمة فتفوق الاهلي بهدفين من دون رد كانت نهاية موسم الفتح التاريخي. التخطيط الإستراتيجي تحدث مدير المركز الإعلامي بنادي الفتح فهد السليم ل «دنيا الرياضة» وأكد أنهم قطفوا ثمرة العمل الاحترافي والتخطيط السليم، وقال: «وضعنا أمامنا ثلاثة أهداف كنا ننوي تحقيقها على التوالي، ونحمد الله أنها تحققت في موسم واحد، البقاء في دائرة المقدمة، ثم المشاركة في الاسيوية، بعدها تحقيق الدوري، عملنا لكل هدف على حدة، وفي النهاية حققناها جميعاً، لدينا لجنة الكرة التي كانت تقيم الفريق في كل مباراة وتسجل الايجابيات والسلبيات ونعمل في كل جولة على تلافي السلبيات، وهذا ما جعلنا في كل جولة أميز من التي قبلها». وعن أسباب تحقيق الدوري ذكر السليم: «عملنا أولاً على إلغاء كلمة ال (أنا) وعملنا بشكل جماعي وهو ما جعلنا مميزين، إضافة للاستقرار الفني والإداري منذ ما يقارب خمس أو ست سنوات خدمنا كثيراً، 40 إلى 50٪ من لاعبينا هذا الموسم هم من صعدوا معنا من دوري الدرجة الأولى، وأكثر من 95٪ من اللاعبين أكملوا معنا أكثر من موسمين، وهو ما جعلهم في تمام الانسجام». الفتح غير المفاهيم أكد المدرب الوطني سمير هلال أن موسم الفتح يعد متميزاً جداً خصوصاً أنه حقق أقوى بطولات الموسم وأكثرها صعوبة، وقال: «الفتح أفضل فريق في الدوري ولا يختلف عليه اثنان، الدوري لم يكن هدفاً أساسياً لهم ولكنهم مع تدرج المباريات استطعوا تحقيق الإنجاز الكبير، تركيز الفتح بشكل كامل على الدوري كان عملاً صحيحاً رغم أنهم قدموا مستوى كبيرا في البطولة العربية، إلا أنهم لم يشتتوا لاعبيهم على صعيدين وهذا لا يقلل أبداً من نجاح موسم الفتح، أما بطولة كأس ولي العهد فخبرة الهلال وتوفيقه في البطولة هي التي أخرجت الفتح، خاصة أن الهلال لعب مباراة دور ال 8 بعد خسارتين من الفتح ودخل ليرد اعتباره، وأما كأس الأبطال فنشوة الانتصار بالدوري والإرهاق الذهني كانا سببين رئيسن في الخروج، الفريق قدم في كأس الأبطال أسوأ أربعة أشواط في الموسم، تجاوز الاتفاق بشخصيته ولكنه انهار أمام الاتحاد». وعن العوامل التي ساهمت في تحقيق الدوري قال هلال: «احترافية الإدارة ولهجتها الإعلامية التي انتهجت على التواضع عند الفوز وعدم وجود الضغوط على اللاعبين وزرع فتحي الحبال ثقافة الفوز لدى اللاعبين علاوة على الاستقرار الفني ونوعية اللاعبين الذين يخدمون تكتيك الجبال كلها جعلت من موسم الفتح الأميز في تاريخه». مدير المركز الإعلامي فهد السليم