وصفت القاصة نادية الفواز، أن كتابتها للقصة بلون شعري يأتي امتدادا لما تستطيعه الكاتبة أو الكاتب من تطويع لجماليات تراكيب اللغة، التي بإمكانها أن تقدم لغة شاعرة، إلى جانب ما تمتلكه - أيضا - من قدرة على الغوص في أعماق الذات لتفكيك ذراتها.. والبوح عما يجول في أعماقها.. مردفة في حديثها ل"ثقافة اليوم" انها تكتب بلغة بسيطة تميل إلى الشعر رغم انصرافها لكتابة القصة، لتصدر باكورة كتاباتها "الركض في مساحات الحزن" الذي فاز بالمرتبة الثانية بجائزة أبها الثقافية، فإصدار "أنا" الذي نالت العديد من نصوصه على جوائز عدة أندية ثم كتاب "قرمزي بلون قلبي" الذي نفذت طبعته الأولى، لتصدر كتابها "كوني امرأة" لتواصل الفوز بمشوارها خلال هذه الفترة باشتغال على إصدار قادم سيحمل عنوان "الثانية بعد منتصف الحب" . * متى تجدين أفكارك تدفع قلمك إلى الكتابة؟ - النص يكتبني ولست أنا من يكتبه هو من يفرض الفكرة ويلح عليّ ويوقظني من نومي لأكتبه، فالكتابة عندي تشبه الأنفاس، تشبه لحظات التجلي والهروب إلى شاطئ أمن اشعر في لحظة أن هناك من يسيطر على كل أحاسيسي وأنا كلي مجندة ومتجهة نحو فكرة لأكتبها وآخذ نفسا عميقا وكأني أزحت صخرة من على صدري أو أني ألقيت حجرا في ماء راكد عذبني بسكوته. * بدأت تكتبين مؤخرا بطريقة حديثة القصة الخاطرة و" القصة القصيدة " فكيف يمكن أن تكون القصة بهذا الشكل؟ - لست أنا من فرض هذا الشكل واعتقد أن أكثر ما يريح النقاد هو كتابة القصة الحكاية بالشخوص والأزمنة والأمكنة ولكني لم أعد استطيع الكتابة بهذه الطريقة صرت اكتب بطريقة تكرس إيحاءات اللغة وتفاعلها مع الإحساس صرت احتفي باللغة والحرف وأكرسه لوصف الذات فإذا كان هناك اعتراضات على القصة القصيدة أو القصة الخاطرة فكيف تقبل ( ال ق ق ج ) وهي لا تحتمل شخصيات أو أزمنة أو أمكنة وإنما تتحول في لحظة إلى حكمة قصة في ثلاثة سطور بينما تسرد القصة الخاطرة بتركيز مفرط ذرات الروح بطريقة سيكولوجية ، فأنا أشعر أني أقوم بتشريح قلبي بأدوات جراحية هي الحروف والقلم وإنني أرسم بالحرف ذرات شعوري ودقائق إحساسي وأعيش في أعمق أعماق أبطالي وأتقمصهم. * كتبت رواية وطن لا ينتمي إليّ؟ فما حكاية هذه الرواية؟ - شاءت الأقدار أن أكون مع اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون على تراب المملكة الغالي فصرت ابنة لوطنين هما من شكلا ثقافتي وتفكيري وأنا اعتبر أني محظوظة في استفادتي من ثقافتين متناغمتين مما يخلق فكرا ووعيا مختلفا لاندماج هاتين الثقافتين، ولكني في روايتي تحدثت عن أثر اللجوء وحكاية اللاجئين الفلسطينيين الذين حرموا من شعورهم بالانتماء لأي مكان فأنا أعيش في السعودية وهي في تعريف الأوطان وطني الذي تربيت على ترابه وتنعمت بخيراته، لأجد أنني بين الاغتراب واللا اغتراب والشعور بالولاء لوطنين أحدهما على الورق والوجدران وآخر في الشعور والقلب لأكتبت هذه الفكرة، بشعور مرير يشطر القلب إلى نصفين ما بين شاطئين. * طرأ على الرؤية إلى القصة وأدوات كتابتها عدة مستجدات فكيف تنظرين إلى القصة من هذه الزاوية؟ - قرأت العديد والعديد من الكتب من الثقافات المتعددة حول كتابة القصة بطرق وبأشكال مختلفة والجميع اتفق على كونها لقطة تحكي حدثًا محددًا طبقًا لنظرة رمزية -الشخوص فيها غير نامية- تُوجِز في لحظات أحداثًا جسامًا معتمدة على مبدأ التكثيف فكرًا ولغة وشعورًا مما يمكنها من النجاح في نقل دفعة شعورية فائرة وهي من اقرب الفنون إلى فن المقامة ورغم وجود العديد من التعريفات إلا انني اعتقد أنها تعتمد بشكل كبير على تكثيف اللغة لتسليط الضوء على حدث أو لقطة معينة. * ألا تجدين صعوبة في خوض تجربة تجديدية في طريقة طرحك للقصة؟ وهل هناك من سبقك إلى هذا الطريق؟ - اعتقد أن العديد من الكتاب التفتوا إلى الاهتمام باللغة وتطويرها وتطويعها لوصف الأحداث وكتابة القصص والخواطر ومدرسة غادة السمان والجفري وأحلام مستغانمي وغيرهم ممن احتفوا باللغة وعملوا على تطويعها بترف المعاني لوصف الحالة الشعورية والقصة، فقصصي بدون مسميات لأزمنة أو أمكنة ولا أتعمد الرمزية ولكني اترك للقارئ فرصة التفكير في ماهية القصة في أن يعيش معي شعوري بها فلا أضع له الحدث في سرد مباشر واترك الفرصة لخياله أن يتصور ماهية القصة. * ما مدى انعكاس العمل الصحفي على كتابتك الأدبية؟ - كل تجربة يعيشها الكاتب مهما كانت بسيطة تؤثر على طريقة إبداعه وقد منحني عملي في الإعلام لسنوات طويلة فرصة الاطلاع على العديد من الحكايات والقصص والشخصيات، ليكون أشبه بالجلوس في وسط الكثير من الحكايات لكل منها ظروف ومسوغات تدعوني لتطويرها لتكون قصة وقطعة من مشاعري، ليعيش القارئ عبرها في عالمي الخاص.