أتعجب من مشاعر الغضب تجاه أسعار التذاكر حالياً وبالذات لدى الخطوط الاقتصادية ناهيك عن الخطوط العادية أو المقاعد في الدرجات العالية، ذلك أن الترتيب كان يمكن أن يقضي على الغلاء كليّاً. بعض التذاكر ارتفعت أضعافاً مضاعفة عن سعرها قبل أشهر. الإجازة الحقيقية تحتاج إلى ترتيب قبلها ب6 أشهر على الأقل، تشتري التذاكر وتحجز الأوتيل أو الشاليه وترتب جميع أغراضك، حينها تكون سفرتك بسعرٍ معقول جداً. في دبي مثلاً الفندق العادي الذي كان سعره قبل أسبوعين 250 درهماً أصبح الآن سعره 1200 لكن لو أن الذي نوى السفر استأجر قبل أشهر لوجد نفسه أمام سعرٍ زهيد بالفعل. كذلك التذاكر لدى الخطوط الاقتصادية كانت ب600 درهم أو قريباً منها لكنها الآن تجاوزت ال2000 إلى دبي. بمعنى أن الترتيب المبكر يوفر الآلاف من الريالات. الإنسان السعودي والعائلة السعودية عموماً لهم مع الأسفار حكايات وأخبار، السفر زرع في دمائهم ولا أعلم بلداً عربياً أكثر سفراً من السعوديين. الدكتور حافظ المدلج تساءل بتويتر قبل أيام عن سبب سفر السعوديين إلى دبي مع أن الحر محرق والشمس لاهبة! بل يسافرون إلى دبي رغم أن تكلفة السفر إليها لا تقل عن تكلفة السفر إلى ماليزيا مثلاً أو غيرها من الدول السياحية الكبيرة. هذا السؤال في بطنه الجواب، سؤال حافظ في داخله الجواب. الناس يبحثون عن خيارات متنوعة للترفيه ومساحة حرية اكبر. من شاهد محاضرة الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي على «اليوتيوب» والتي تعيد نشرها بين فترةٍ وأخرى قناة «سما دبي» يجد الاحتفاء الكبير بالسعوديين، إذ يعتبرهم المجتمع الأكثر دخولاً إلى دبي واستمتاعاً بها، وعلى هذا الأساس دشّن حاكم دبي مشاريع للسياحة العائلية، السعودي قنوع يريد سينما ومقهى مفتوح ومولات تؤنسه وزوجته وأولاده وخدمات سياحية من بنية طرق قوية وتعامل وخدمة عاليتين. رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا، وقف قبل أيام مع عائلات سعودية سائحة بتركيا يشجّعهم ويوزع عليهم بعض الهدايا. هذا كله احتفاء بشعب «مسفار» لا يقر له قرار. بآخر السطر، أسئلة نجاح السياحة أو فشلها داخلياً لم تزل ماثلةً، ولا أجد خاتمةً لهذا المقال أنسب من بيت نزار قباني بتصرّف: في فمي يا «سوّاح» ماءٌ كثيرٌ ** كيف يشكو من كان في فيه ماءُ؟!