لفت انتباهي هذه الأيام محاولات مستميتة من إعلاميّين سعوديين يعملان بقناة الجزيرة الفضائية للتعليق، وأحياناً الرد المباشر على موضوع خبر وكالة الأنباء الفرنسية عن قناتي العربية والجزيرة، فبينما لاحظت الصمت وعدم التعليق المباشر من أي مسؤول من القناتين عن الخبر في بداية نشره أو حتى في تراجع الوكالة الفرنسية عن مضمونه، وجدت الإسهاب المفرط وخصوصاً على تويتر من موظفي قناة الجزيرة السعوديين!. ماذا يعني ذلك؟. هل هو ما يعرف بمفهوم "الولاء" للوسيلة الإعلامية التي يعملان بها، أم أن الأمر أكبر من ذلك؟ وقد يكون "ما بين سطور" كلام آخر، فأنا حقيقة استغربت الاندفاع الكبير والاحتفالية لقناة الجزيرة خصوصاً ومنسوبيها، لمجرد أن ظهر خبر تم نفيه فيما بعد، يتعلق بتفوق مشاهدة الجزيرة على العربية. من وجهة نظري ارى أن القائمين على قناة الجزيرة عندما لمحوا خبر الوكالة الفرنسية تعلقوا به مثل تعلق الغريق بقشة، فلم يشفع التاريخ الطويل للجزيرة أن تدخل وبقوة في الاحتفاء بمجرد استبيان تم الاعتذار عنه يتحدث عن تفوقهم على منافسهم الكبير، قناة العربية، متناسين أن المشاهد العربي ذكي وهو من يحدد الأفضلية وليس خبراً من وكالة أو تصنيف من وكالات دعاية وإعلان!. لماذا اهتمت الجزيرة بالمقارنة مع العربية في هذا التوقيت؟ ولماذا أصبحت الجزيرة أقل جذباً عن عهودها السابقة، التي كانت تغرد فيها وحيدة متجاوزة الخطوط الحمراء في تفاصيل أخبارها وتقاريرها؟ هل بالفعل "هرمت" الجزيرة الفضائية، لتعتمد كثيراً على تغريدات مذيع ومراسل سعوديين لتأكيد تفوقها، بعد أن عجز المتحدث الإعلامي لها تفسير ما حدث مع الوكالة الفرنسية؟. الأمر بالفعل يستحق الاهتمام ليعطينا مؤشراً مخيفاً للعمر الافتراضي لبعض الفضائيات الإخبارية، التي تعتمد على معايير معينة في رسالتها الإعلامية، قد تكون بعيدة كل البعد في أحيان كثيرة عن الصدقية الإعلامية الحقيقية. والشاهد على ذلك أنه وأثناء حضوري لحلقة نقاش برامج "التوك شو" ومدى تأثيرها في المشهد الإعلامي المصري في دبي الشهر الماضي، لاحظت هجوماً إعلامياً مصرياً كبيراً على قناة الجزيرة "مصر" وتدخلها بالشأن الداخلي المصري، وسبق أن تناولت هذا الأمر في فترة سابقة في أحد مقالاتي، ولكنني لم أتوقع أن يصل التذمر لهذا المستوى، وهنا انعكاس هذا التذمر لا يتمحور فقط على الجزيرة مصر، وإنما على الرسالة الإعلامية الشاملة لقنوات الجزيرة الإخبارية. نحن حالياً للأسف أمام مشهد مقارنة بين الفضائيات وخصوصاً قناتي العربية والجزيرة حسب مصالح وأهواء البعض، فالرسالة الإعلامية للجزيرة معروفة الاتجاه والإطار، لذا فقد جذبت كثيرين وخصوصاً من بعض "التيارات" المعروفة لدعمها، والوصول لمرحلة النيل من منافستها، حتى لو استدعى الأمر لنعتها بأسماء مريبة، وللأسف الشديد يحدث هذا من بعض المحسوبين السعوديين، فكانت الوكالة الفرنسية هي صاحبة الفضل في "كشف المستور"!.