فيما أعلنت جماعة تسمى نفسها «جماعة التوحيد والجهاد في أرض الكنانة» مسؤوليتها عن التفجيرات التي وقعت في شرم الشيخ فجر السبت الماضي، ثار جدل حول طبيعة هذه التفجيرات والجهة التي نفذتها لا سيما وأن هذه الجماعة هي الثالثة التي تعلن مسؤوليتها بعد كتائب عبد الله عزام التابعة للقاعدة، وجماعة «مجاهدو مصر» . الجماعة الجديدة قالت أيضا في بيان لها أمس انها المسؤولة عن تفجيرات طابا في أكتوبر الماضي وبذلك عززت من طرح أجهزة الأمن المصرية حول وجود علاقة بين منفذي التفجيرات هنا وهناك، ما دعا إلى الاعتقاد بأن هذه الجماعة قد تكون المسؤول الفعلي عن العمليتين . وأعاد بيان الجماعة التأكيد على ضلوع القاعدة في تفجيرات شرم الشيخ بل وفي تفجيرات طابا. كانت أجهزة الأمن المصرية قالت ان فليفل هو أحد مفجرين قادا سيارة ملغومة في طابا وانه قتل حين لم يتمكن من الفرار في الوقت المناسب، وهو ما أكده بيان الجماعة . تزامن ذلك مع نفي السفير المصري في باكستان حسين هريدي أمس تقارير اشارت الى ضلوع باكستانيين في تفجيرات شرم الشيخ وتأكيده أن الباكستانيين الستة الذين تبحث عنهم الشرطة المصرية لا علاقة لهم بالتفجيرات . وقال: «ننفي وجود أية صلة على الاطلاق بين المواطنين الباكستانيين وتفجيرات شرم الشيخ وفيما يتعلق بباكستان ننفي الامر برمته وبالنسبة لرعايا اجانب آخرين فإن التحقيقات مازالت مستمرة وان البحث جار عن الباكستانيين الستة يجري حفاظا على سلامتهم الشخصية وكفحص امني روتيني يحدث في اي مكان بالعالم ». كانت مصادر امنية مصرية ذكرت ان الشرطة تبحث عن الباكستانيين وتسعى لمعرفة سبب اختفائهم عقب التفجيرات كما وزعت صورهم على المنافذ والطرق والبوابات في شرم الشيخ وأعلنت الشرطة أنها تبحث عن خمسة باكستانيين هم محمد أنور (30 عاما) ورشيد علي (26 عاما) ومحمد اختر (30 عاما) وتصدق حسين (18 عاما) ومحمد عارف (36 عاما). في غضون ذلك تضاربت رؤى وتقديرات الخبراء والمحللين حول الهدف من عملية شرم الشيخ ووصلت إلى حد الاختلاف في تحديد جهات التنفيذ، ما بين من يصر على أنها جهات أجنبية محترفة، ومن يؤكد أنها محلية . وأكد مصدر أمني أن استهداف شرم الشيخ بسلسلة التفجيرات الأخيرة، كان يحمل رسالة ذات مغزى سياسي كبير، وقلل من أهمية التقارير التي رجحت أن تكون العمليات عشوائية أو بلا أي مضمون سياسي، فيما بدأت تحقيقات أجهزة الأمن المصرية تميل إلى ترجيح فرضية ضلوع أجانب في التفجيرات ومن ثم كان توزيع صور نحو 50 أجنبيا بينهم تسعة باكستانيين دخلوا البلاد بجوازات سفر أردنية مزورة، يشتبه في تورطهم في تنفيذ التفجيرات . وقال المصدر إنه من الواضح أن العمليات لم تكن تستهدف سائحين إسرائيليين، وهو التبرير الذي عزت إليه السلطات استهداف منتجعات سياحية في طابا في أكتوبر الماضي مشيرا إلى أن شرم الشيخ لا يقصدها الإسرائيليون بأعداد كبيرة، على النحو الذي يغري الانتحاريين على توجيه ضرباتهم إليها، لافتا إلى انه على العكس من ذلك فإن شرم الشيخ يقصدها المئات من المصريين الباحثين عن العمل والهاربين من البطالة المتفاقمة في سوق العمل، وهو ما يفسر ارتفاع عدد الضحايا من المصريين، فيما كان الضحايا من الأجانب لا يكاد يذكر . واعتبر المصدر أن الهدف الذي كان يقصده المهاجمون كان بالتأكيد «هدفا كبيرا» حالت الاجراءات الأمنية المشددة عقب الحادث دون الكشف عن هويته غير أنه فيما يبدو واجهت الخطة بعض المفاجآت التي أربكت المنفذين، ما جعلهم يغيرون خطوط سيرهم وينفذون العملية في أماكن أخرى لم تكن هي الهدف الذي ينتظرون اصطياده على حد تعبيره. غير أن مصدرا آخر نفى أن تكون شخصية سياسية كبيرة هي المستهدفة من الهجوم، مشيرا إلى أن التفجيرات كانت مجرد استهداف رمزي، للمدينة التي تعتبرها القيادة المصرية أكثر أمنا من القاهرة، وتدار فيها سياسات مصر الداخلية و الخارجية، مرجحا أن تكون التفجيرات رسالة تستهدف ترويع القيادة السياسية المصرية لصعوبة تنفيذ أية عمليات تستهدفها على المستوى الشخصي وذلك لحملها على مراجعة مواقفها إزاء الملفين العراقي والفلسطيني من جهة وسياستها الأمنية في التعامل مع الحركات الإسلامية من جهة أخرى . وأكد الخبير الاستراتيجي الدكتور محمود خلف أن تفجيرات شرم الشيخ تمت بأسلوب قتالي محترف لا يتوافر عادة سوى لأجهزة الاستخبارات المتقدمة أو لمجموعات مدربة بواسطة تلك الأجهزة أو أفرع متخصصة منها واستبعد أن تتوافر إمكانيات كهذه لدى مجموعات مصرية محلية صغيرة أو أن تستطيع تلك المجموعات القيام بهذه العمليات الدقيقة والكبيرة من حيث اختيار الأهداف واستطلاع أماكنها وتجهيز الأفراد والمتفجرات ومعدات التنفيذ والتوقيت . وأوضح أنه ليس من سبيل المصادفة أن ترتبط تفجيرات طابا بذكرى حرب أكتوبر وهجمات شرم الشيخ بذكرى ثورة يوليو، فلا شك أن هذا التوقيت مقصود لتوجيه رسائل سياسية مهمة فمثل هذه العمليات تتم بصورة معقدة للغاية حتى لا تلفت أنظار الأجهزة الأمنية والاستخباراتية. وأشار إلى أن تفجيرات كهذه جرت بأعلى مراحل الاختراق، واستطاعت استغلال نقاط الضعف وحالات الاسترخاء الأمني، فالتخطيط تم في بلد والتمويل أتى من بلد آخر وكذلك المتفجرات ومعدات التنفيذ جاءت من بلد ثالث أو أكثر، مرجحا أن تكون أغلب مراحل الإعداد للعملية قد تمت في دولة مجاورة، دخلت منها المجموعة المنفذة إلى مسرح العمليات مباشرة أو قبلها بأيام قليلة . ونفى خلف أن تكون المجموعة المتورطة في هذه التفجيرات ومن قبلها أحداث طابا من المواطنين المصريين فمثل هذه الأحداث الكبرى يستحيل أن تكون ذات طابع محلي على الإطلاق. من ناحية أخرى كشفت التحقيقات في تفجيرات شرم الشيخ عن أن البنك التجاري الدولي المجاور لفندق غزالة في شرم الشيخ، كانت لديه معلومات مسبقة قبل أيام عدة من وقوع الأحداث تفيد باحتمال وقوع عمل إرهابي في المدينة، بل ان البنك كانت لديه معلومات بأن فندق غزالة تحديدا قد يكون مستهدفا، وأن المركز الرئيسي للبنك هو مصدر هذه المعلومات والتحذيرات، وأفاد الموظفون في البنك أنهم أوصلوا هذه المعلومات إلى الأجهزة الأمنية في المدينة، وأن الجهات الأمنية أرسلت سيارة إطفاء وسيارة اسعاف إلى جوار البنك ظلتا هناك حتى وقوع الأحداث . وفي سياق متصل، كثفت أجهزة الأمن من جهودها لتضييق الخناق على باقي عناصر الخلية التي نفذت التفجيرات، حيث تم فرض طوق أمني مشدد على المنطقة المحيطة بموقع التفجيرات، فيما يشن المئات من عناصر الأمن حملات دهم وتفتيش واسعة داخل القرى والتجمعات البدوية القريبة من المنطقة التي استهدفتها الهجمات.