شكّلت الأزمة البحرينية مفترق طرقٍ على مستوى العلاقة بين الخليج وإيران. البحرين دولة لها سيادتها ولا يمكن لإيران وغيرها أن تمس منها. بالرغم من كل الذي قيل حول الخليج ووحدته وأنها ضعيفة، غير أنني أؤكد غير ذلك، وأضرب مثلاً بحدثين اثنين؛ الأول: حرب العراق على الكويت، إذ اكتشف صدام متأخراً أن حدود الكويت تنتهي عند جيزان وتمتد إلى البحرين والإمارات وقطر وعمان، وهكذا فكل دولة خليجية أمنها من أمن الدول الخليجية مجتمعةً. وقف صدام على مغامرته، حين دخلت السعودية ومعها دول الخليج، بكل ثقلها لتحرير الكويت، وقال الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز:"إما أن تعود الكويت أو نذهب معاً". موقف دول الخليج كان حاسماً، وساهم كثيراً في تحرير الكويت. الحدث الثاني: الحالة البحرينية، ظنّ الإيرانيون وحزب الله، أن انشغال الخليجيين بمشاكلهم الداخلية ستثنيهم عن الدخول بكل ثقلهم إلى الأزمة البحرينية ومنّوا النفوس بأن رياح الربيع العربي ستجعل المنطقة مشتعلة، لكن سرعان ما دخلت القوات الخليجية المشتركة "درع الجزيرة" لردع النفوذ الإيراني وتحقيق الحفاظ على السيادة، وتأمين المنشآت الحيوية. حينها أُوجع الإيرانيون وأتباعهم كثيراً وعلموا أن المسألة محسومة وأنها حالة قوة وليست حالة ضعف. السعودية ودول الخليج كلها استطاعت أن ترسم وحدة ضد الأطماع الإيرانية وغير الإيرانية، الحدود بين الدول هي حدود داخلية لكن حين تمس حصانة أمن دولة واحدة فإن الخليج كله يهب للنجدة والنصرة والحرب ضد المعتدي كما حاربت الجيوش الخليجية ضمن قوات التحالف لصد عدوان صدام، وضربت قوات درع الجزيرة الأيادي الإيرانية. قبل أيام أدانت وزارة خارجية المملكة العربية السعودية بشدة،التصريحات التي أدلى بها حسين أمير عبداللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية لوكالة أنباء فارس بتاريخ 18 مايو 2013 معتبرة:«أن هذه التصريحات تعد تدخلا مرفوضا وغير مقبول، في شؤون مملكة البحرين، الدولة العضو في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتصرفا غير مسؤول في العلاقات الدولية والإقليمية، وتتناقض تماما مع مبادئ الأممالمتحدة، والقانون الدولي، ومنظمة التعاون الإسلامي، التي تؤكد جميعها احترام سيادة الدول واستقلالها". بآخر السطر، تختلف دول الخليج في الرؤى والآراء أحياناً كثيرة، لكنها تتحد عندما تتعلق الأمور، بأمن دولة من دولهم. إنه الاختلاف في البيت الواحد، يبقى ضمنه، وينتهي خارجه.