أثبتت الأيام أن مجلس التعاون الخليجي مظلة سياسية مهمة، رغم كل النقد الذي يوجه الى دوره في عملية التكامل بين دوله. فالمجلس ظل وفياً للهدف الأساس الذي قام من اجله، وهو حماية الأمن السياسي للدول الأعضاء. نشأ المجلس في ظل ظروف الحرب العراقية - الإيرانية، وحين توقفت الحرب، لم تستطع دول الخليج تفعيل النظام الأساسي لمنظمتها في قضايا التعليم والاقتصاد والصحة، على النحو المفترض. واجه مجلس التعاون كثيراً من العقبات الناشئة من اختلاف الأنظمة في دوله، وكاد أهل الخليج أن يفقدوا الثقة بهذه المظلة الإقليمية. وحين دخلت قوات صدام الى الكويت، تغيّر رأي أهل الخليج بمجلسهم. اكتشفوا انه درعهم في الأزمات. اليوم يعاود مجلس التعاون تأكيد أهميته السياسية والاستراتيجية، من خلال دوره في مواجهة التدخلات الإيرانية في البحرين. تلك الأهمية تمثلت في تنفيذ أهم بنود نظام المجلس، بدعم أمن البحرين بقوات «درع الجزيرة». أكد المجلس انه ضرورة لا تقبل الجدل والمساومة، بل أن بعض النخب في الخليج الذي يتخذ موقفاً سلبياً من أداء المجلس طوال السنوات الماضية، اصبح مقتنعاً بضرورة التمسك به، وحمايته من الخلافات، وبالسعي الى تكريس وجوده. ولكن، رغم هذا الشعور المتنامي بأهمية مجلس التعاون سياسياً واستراتيجياً، أثبتت الأحداث الأخيرة في البحرين أن المواطن في دول الخليج يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية تعثر دور المجلس. لا شك في أن مجلس التعاون نفذ دوره الذي نص عليه نظامه الأساسي. سارعت دوله الى الوقوف مع البحرين أمام الأطماع الإيرانية، في شكل متميز وسريع، لكن هذا الموقف، على رغم أهميته، ليس كافياً، ولا بد ان يترافق مع موقف شعبي لدعم هذا التضامن الذي اصبح حاجة ملحة اكثر من اي وقت مضى. لذلك، المطلوب اليوم من المعارضة البحرينية أن تعلن موقفاً رافضاً للتدخل الإيراني. لا بد أن يسمع أهل الخليج من أشخاص مثل الشيخ علي سلمان رئيس جمعية الوفاق البحرينية، أن خلافه مع الحكومة لا يخوّل إيران، وغيرها، التدخل في الشأن البحريني. ولا بد أن يعاود النظر في موقفه من قوات «درع الجزيرة»، فهذه القوات ما كانت لتدخل البحرين من دون وجود خطر خارجي يهدد أمنها وسيادتها. الأكيد ان مطالب الإصلاح ليست مبرراً للاستعانة بالأجنبي، والصمت عن تصريحاته التي تعتبر مساً بسيادة البحرين. قد نختلف على أمور كثيرة، ونحتج، لكن السيادة لا تقبل المساومة.