لم تكن أماني، ودعوات، وزغاريد فرح، أو حتى دموع تسابق لحظة الأمل، ونشوة الحصاد..والصبر، ولكن كانت مشاعر وطن..اختلط فيها الحب، والولاء، والانتماء، وبقي الجميع متفرجاً على مشهد التكريم.. وهم يرددون بصوت أخضر: أجل نحن الحجاز ونحن نجد هنا مجد لنا وهناك مجد ونحن جزيرة العرب افتداها ويفديها غطارفة وأسد ونحن شمالنا كبر أشم ونحن جنوبنا كبرُ أشدُّ ونحن عسير مطلبها عسير ودون جبالها برق ورعدُ ونحن الشاطئ الشرقي بحر وأصداف وأسياف وحشدُ .. ومع كل تلك المشاعر الجميلة والعفوية بقي "عبدالله بن عبدالعزيز" حاضراً بين الجميع، شكراً، وحباً، ووفاءً، وتحديداً حين اشتعل القلب عاطفة تركت معها أجمل الدعوات "الله يخليك لنا يابو متعب".. وحين مضى العقل إلى مستودعه حاضراً "والله ما قصرت"، ومستقبلاً "تغيّرنا للأفضل".. لقد كان احتفال الملحقية الثقافية في الولاياتالمتحدةالأمريكية بتخريج (7275) مبتعثاً ومبتعثة يوم أمس الأول مختلفاً.. ليس في العدد التاريخي غير المسبوق، أو كثافة الحضور من أولياء الأمور والمسؤولين، وإنما من تعبير الفرح "يوم حصاده"؛ حين أحس الجميع بالانتماء إلى كيان عظيم، والولاء لقائد استثنائي، ورددوا معاً في مسيرة التخرج "عاش المليك للعلم والوطن". مسيرة الخريجين تحولت إلى كرنفال حب للوطن وقادته.. وزغاريد الأمهات سبقت الجميع فرحاً ثروة الوطن بدأ الاحتفال بمسيرة الخريجين، ثم ألقى وزير التعليم العالي د.خالد بن محمد العنقري كلمة قال فيها:"أبنائي وبناتي.. لا توجد بهجة أكثر من بهجة الاحتفاء والتخرج وحصد ثمار ما حصدناه منذ أعوام وأنتم ثروة الوطن الحقيقية وبناة غده المشرق والأكثر خيراً وأماناً وسلاماً إن شاء الله". وأضاف:"خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- يحرص قولاً وفعلاً على جعل التعليم العالي منظومة متكاملة ذات مستوى متميز يحظى بالتقدير الإقليمي والعالمي، ويقود مسيرة التنمية استناداً على الاستثمار في أفضل ما نعتز به من ثروات وهي تنمية الموارد البشرية، وذلك لمواجهة المستجدات والتحديات العالمية المعاصرة التي تزداد صعوبة وتعقيداً بمرور الأيام، وإسهاماً في رقي البلاد وتقدمها في شتى المجالات". وأشار إلى أن برنامج الابتعاث حظي برعاية واهتمام كامل وأصيل من خادم الحرمين الشريفين وتأسس على مبدئين أساسيين: أولهما اكتساب الخبرة العلمية والأكاديمية والاطلاع على أفضل ما وصل إليه غيرنا من انجازات علمية تؤهل مبتعثينا للقيام بدورهم في المجتمع متسحلين بأحدث أدوات التقنية وأرقى التخصصات. أما المبدأ الثاني فقد اعتمد أساساً على لغة الحوار والتواصل وإرساء قيم التفاهم والتسامح الانساني بين الشعوب، والاستعانة بسفرائنا من أبناء المملكة من الشباب والشابات أثناء فترة ابتعاثهم، في تمثيل الهوية السعودية وما تتسم به من قيم إنسانية حضارية متأصلة في ثقافتنا وديننا الحنيف. تسلح بالعلم وعبّر معالي الأستاذ عادل بن أحمد الجبير سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية عن سعادته والوطن ككل بتخريج كوكبة جديدة من المبتعثين، وعودتهم إلى وطنهم مسلحين بالعلم، والتجربة؛ لخدمة دينهم ووطنهم، وتحمل المسؤولية في مسيرة التنمية التي يقودها الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله-. وقال في كلمته خلال الحفل إن الطموح والإنجاز لا يكتملان إلا بمواصلة العمل الجاد نحو استثمار فرص التغيير للأفضل، وشراكة الحضور الواعي والمسؤول في دعم برامج التحديث والتطوير على كافة المستويات د. العنقري: خادم الحرمين يستثمر في أبنائه وبناته المبتعثين لدعم مسيرة التنمية والتطوير . تجربة نموذجية ثم ألقى الملحق الثقافي في الولاياتالمتحدةالأمريكية "د.محمد العيسى" كلمة أوضح فيها أنّ برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي يعد تجربة نموذجية تستحق النظر والإشادة، خاصة أنه ليس مجرد برنامج دراسي بحت، بل هو بمثابة رسالة حضارية تنشد المعرفة والثقافة بلغة التواصل بين الشعوب، وهو أيضاً بمثابة برنامج لإعداد القوى البشرية وتأهيلها؛ لكي تكون على أعلى مستوى من القدرة والعطاء. وأضاف بدأ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بخمسة آلاف مبتعث ومبتعثة في الولاياتالمتحدة فقط، واليوم يتجاوز عدد من تشرف عليهم الملحقية الثقافية (103960) ما بين مبتعث ودارس ومرافق، من بينهم نحو (80243) مبتعثا مبتعثة. وأشار إلى أن المرأة تمثّل هذا العام (1868) خريجة؛ بنسبة 25،67% من مجمل عدد الخريجين والخريجات، وهي نسبة لها مؤشراتها الإيجابية فيما يتعلق بابتعاث المرأة في كافة مراحل الدراسة، وتتزايد أهميتها في مرحلة الدراسات العليا، حيث يمثّل مجموع الحاصلات على درجة الدكتوراه هذا العام نحو (139) خريجة، والماجستير نحو (1190). وقال:"إذا كانت الدولة قد اهتمت بابتعاث المرأة وتعليمها والوقوف إلى جانبها حتى إكمال مسيرتها، فلا شك أن للمرأة بجدها واجتهادها وعطائها غير المحدود دورا مشرفا في تحقيق هذا الإنجاز الكبير، وأود بهذه المناسبة أن أوجه لها تحية خاصة لهذا التميز غير المسبوق. وأضاف يمثل الخريجون والخريجات لهذا العام كافة المراحل الجامعية والعليا في أكثر من (721) جامعة في (48) ولاية أمريكية؛ مما يدلل على تنوع المدارس الأكاديمية والثقافات المختلفة التي اكتسبها الخريجون أثناء دراستهم. وأشار إلى أن عدد الطلاب الحاصلين على درجة البكالوريوس نحو (3229) خريجاً وخريجة، كما بلغ عدد المتميزين (66) طالباً، وكانوا في العام الماضي لا يزيدون عن ثلاثين متميزاً؛ مما يؤكد تضاعف الاهتمام وزيادة عدد المتميزين عاما بعد آخر. وقال من أفضل الأخبار السعيدة تلك الاتفاقات والبرامج الطبية التي أسستها وتعاقدت الملحقية عليها في أكثر من ثمانين جامعة ومؤسسة ومستشفى ومركزا طبيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي أدت إلى قبول أطبائنا في نحو (207) برامج طبية و(11) برنامجا في الصيدلة وخمسة برامج في التمريض؛ حتى بلغ عدد الملتحقين فيها ما يزيد عن (3608) مبتعثين ومبتعثات في مجالات العلوم الطبية والصحية، وكانوا في عام 2007 لا يزيدون عن (18) مبتعثاً. السفير الجبير: ننتظر شراكة الحضور الواعي والمسؤول في دعم برامج التحديث للمجتمع اتحاد القلب والكلمة ثم ألقى الخريج من مرحلة الدكتوراه سالم العلياني كلمة قال فيها:"سنعود اليوم لوطننا الواحد الذي وسع بأفقه أطيافاً وألواناً وآراء؛ زادته بهجة وجمالاً وحضارة.. سنعود ونحن نؤمن بهذا التعدد، ونُكبِرُ هذا التنوع، ونحترم هذا الاختلاف.. ولكننا سنعزز في المقابل اتحاد القلب والكلمة.. سنعود اليوم ونحن نعي تماما كل الأخطار المحدقة بوحدتنا واتحاد كلمتنا.. ولأننا نعي ذلك فسنعود.. سنعود لنضع اختلاف الرأي جانباً ونقف كالبنيان المرصوص، فلا نسمح لأنفسنا بأن نكون الحلقة الأضعف التي يأتى إلى وطننا من قبلها، ولن نسمح لأنفسنا بأن نكون الطعنة في الخاصرة بوعي أو بدون وعي.. سنعود اليومَ ليشهد العالمُ أجمع أن العلم الذي ذهبنا من أجلة، عدنا به، وأننا لم نخلط معه فكراً دخيلاً ولا ثقافة شاذة ولا سلوكاً مشيناً..سنعود بعد أن كنّا سفراء سلام ومحبة وإخاء.. ولكن قبل أن نعود لابد أن نشكر الله، ثم قائد النهضة، وراعي المسيرة خادم الحرمين الشريفين، وعضديه الكريمين، سمو ولي عهده الأمين وسمو نائبه الثاني، ونشكر وزارة التعليم العالي، والملحقية الثقافية، والسفارة والقنصليات السعودية الذين حرصوا على متابعة مشاكل كثير من الطلاب والطالبات متابعة مباشرة عندما احتاجوا لهم". د. العيسى: المرأة حققت أرقاماً غير مسبوقة في برنامج الابتعاث.. والقادم أفضل تنمية المجتمع عقب ذلك ألقى سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية في الرياض كلمة مسجلة أشاد فيها برؤية الملك عبدالله في استثمار وتأهيل العنصر البشري لتنمية المجتمع وتطوره، ثم ألقى ممثل الراعي الرسمي للمناسبة "بنك سامبا "كلمة أكد فيها على أهمية تضافر الجهود الوطنية بين كافة القطاعات لدعم برامج الموارد البشرية، كما قدّم أطفال الأكاديمية السعودية في واشنطن لوحة استعراضية لاقت استحسان وتصفيق الجميع. وزير التعليم العالي ملقياً كلمته الزميل د.أحمد الجميعة والسفير الجبير «شكراً أبو متعب» رافقت أجمل دعوات المبتعثين سالم العلياني وعبدالله بن سليمان وبناته نوف وريماس والجوهرة حضوراً في الحفل بناة الغد المشرق مبتهجات بالوصول إلى هدفهن تنمية الموارد البشرية هي ثروة الوطن الحقيقية