كرس تأهل بايرن ميونيخ وبورويسا دورتموند الى نهائي دوري ابطال اوروبا لكرة القدم المقرر السبت المقبل على ملعب "ويمبلي" في لندن، الصعود الصاروخي لاندية البوندسليغا، والمبني على خيارات رياضية، اقتصادية وتنظيمية. أصبح بايرن ميونيخ، بعد تأهله الى النهائي ثلاث مرات في اربع سنوات، قوة ضاربة في قارة اوروبا خلال العقد الثاني من الألفية الثالثة، ولو انه خسر في آخر مباراتين حاسمتين امام انتر ميلان الايطالي في 2010 وتشلسي الانكليزي في 2012. لكن على الملعب المهيب في عاصمة الضباب، ستجلب الكرة الالمانية لقبها السابع في المسابقة الاولى والاول منذ 12 عاما، اذ يلتقي فريقان من المانيا لاول مرة في النهائي. قحط قاري طويل اجتازته الاندية ترافق مع غياب الالقاب عن المنتخب الصاعد بقوة ايضا في مسابقتي كأس اوروبا وكأس العالم، حيث واظب "ناسيونال مانشافت" على بلوغ الدور نصف النهائي. عملت كرة القدم الالمانية بتناغم بين الاتحاد والاندية، من خلال تكوين الناشئين على التقنية والنفس الهجومي، اكثر من التركيز البدني، ما كان واضحا في طريقة لعب الاندية في الدوري. اصبحت البوندسليغا مع معدل 3 اهداف في المباراة، من اكثر البطولات الاستعراضية في اوروبا، واللعب الحديث والتقني والهجومي المطبق من خلال الاندية، أعطى ثماره على اعلى المستويات. مهرجان بايرن ميونيخ في نصف نهائي دوري الابطال امام برشلونة، الذي اعتبر في السنوات الاخيرة افضل فريق في العالم، كان كاسحا (7-صفر في مجموع المباراتين) ومعبرا عن هذه الفورة الكبيرة. تستفيد المانيا ايضا من قوة مالية مهمة تسمح لها بالحفاظ على ابرز لاعبيها. فباستثناء مسعود اوزيل وسامي خضيرة اللذين اغرتهما ملايين ريال مدريد الاسباني، يتابع نجوم المنتخب الالماني مسيرتهم في الدوري المحلي على غرار القائد فيليب لام، باستيان شفاينشتايغر، توماس مولر، ماريو غوميز، ماركو رويس وماريو غوتسه الموهبة الجديدة المنتقلة من بوروسيا دورتموند بطل الدوري عامي 2011 و2012 الى بايرن ميونيخ بطل 2012 بصفقة خيالية. اصبح الدوري الالماني تدريجا بمثابة المغناطيس لابرز اللاعبين في العالم على غرار الفرنسي فرانك ريبيري والهولنديين ارين روبن ورافايل فان در فارت والاسباني خافي مارتينيز وحتى المدربين، فما قدوم مدرب برشلونة السابق جوسيب غوارديولا الى بايرن الا خير دليل على ذلك. حجم ديون الاندية الالمانية ضعيف، وبفضل كأس العالم 2006 التي نظمتها البلاد، تستفيد من منشآت كروية ضخمة وحديثة. يبلغ معدل حضور الجماهير 42 ألف متفرج في المباراة الوحيدة، ما يدر اموالا طائلة على الاندية ويضعها في ارتياح مالي. يتمتع الدوري الالماني بمزايا خاصة من حيث إعداد روزنامته، فيخوض 18 ناديا منافسات الدرجة الاولى في 34 مرحلة، فيما تعتمد باقي البطولات الكبرى في اسبانيا وانكلترا وايطاليا وفرنسا 20 ناديا ليمتد الدوري الى 38 مرحلة. وفي المانيا لا يوجد مسابقة محلية اخرى سوى مسابقة الكأس، تخوضها اندية النخبة ابتداء من الدور الثاني بمباراة واحدة فقط مع ركلات ترجيحية تحسم التعادل، اذ لا يوجد مباريات ذهاب واياب او مباريات معادة، وتغيب باقي المسابقات الرديفة مثل كأس الرابطة. يخوض اللاعب الالماني 50 مباراة كحد اقصى اذا استمر فريقه في كل المسابقات، اي بفارق كبير مثلا عن تشلسي الانكليزي الذي لعب حارسه التشيكي بتر تشيك 68 مباراة هذا الموسم عشية نهائي الدوري الاوروبي الاسبوع الماضي امام بنفيكا البرتغالي. يحترم الدوري ايضا بدقة التوقف الشتوي لاربعة اسابيع، مانحا فرصة التجدد للمشاركين ومقلصا خطر الاصابات على ملاعب يجعل منها الطقس المثلج ارضا خصبة للوقوع في الافخاخ. تبدو الكرة الالمانية مجهزة للمنافسة على اعلى مستوى اوروبي، ولا شك بان اللعب المالي النظيف المعتمد من قبل الاتحاد الاوروبي سيمنحها المزيد من التفوق على اقرانها في القارة العجوز.