دافع الأستاذ فاروق شوشة، أمين عام مجمع اللغة العربية في القاهرة عن الإعلام ونأى به عن الاتهام بكونه شريكاً في ما تتعرض له اللغة العربية من تحديات تعاظمت في رأي البعض إلى حد وصفها ب "مذبحة لغة الضاد"، وقال إنه على العكس فإن الإعلام العربي المعاصر يقدم لنا "ثروة لغوية" عصرية ربما تحتاج أحيانا إلى تصويب في بعض جوانبها. جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية التي أجريت في منتدى الإعلام العربي في دبي والتي حملت عنوان: "مذبحة الضاد.. الإعلام شريكاً!"، وشارك فيها كل من الكاتب الصحافي المعروف سمير عطاالله، الكاتب في صحيفة الشرق الأوسط، والأستاذ زياد الدريس، الكاتب في صحيفة الحياة، نائب رئيس المجلس التنفيذي في منظمة اليونسكو، والأستاذة فاطمة البريكي، رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الإمارات، والأستاذ ياسر سليمان، أستاذ كرسي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد للغة العربية المعاصرة بجامعة كامبردج، وأدارتها بروين حبيب، الإعلامية في مؤسسة دبي للإعلام. وقال شوشة إنه لولا هذا الإعلام لكنا حتى اليوم نكتب بلغة الجاحظ والفراهيدي وابن المقفع وابن العميد والقاضي الفاضل وغيرهم. الصحافة العربية بدأت منذ قرنين عصرا لغوياً جديدا عندما نقلت مستوى الكتابة العربية التي كانت قائمة على الاسترسال والانشاء، لغة المنفلوطي وجيله إلى لغة الخبر والتعليق والرأي والحوار والسؤال والإثارة والاعتراض جعلت هناك مستوى لغويا ليس منفصلًا عن اللغة التراثية التي اعتدناها منذ ألف و600 عام. وتناولت الجلسة دور الإعلام في النهوض باللغة، والطرق التي استطاع بها غيرنا النهوض بلغات كادت تندثر، لتصبح لغات علوم وبحوث، ودور الإعلام في تعزيز الوعي بأهميتها، خصوصاً وأنها باتت تحتل المرتبة السابعة في ترتيب اللغات في بيئة الانترنت، لكنه حضور في غالبيته باللهجات المحلية. البحث عن الحل من جهته قال الكاتب سمير عطا الله إنه إذا كنا نريد حماية اللغة العربية من التهجين يجب أن نبحث عن الحل لا أن نستمر في الشكوى كما هو الحال في كل حقل آخر، فالمصطلحات الأعجمية لم تدخل على العربية وحدها وإنما على جميع لغات العالم بما فيها الروسية، ولو أن المخترعات الحديثة تأتي من الهند أو الصين أو اليابان لكان للحاسوب اللوحيّ اسم آخر يكنى بلغة تلك البلدان.. ونوّه عطا الله بالمبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، قبل أعوام بإنشاء مؤسسة كبرى للقيام بترجمة المؤلفات والنفائس والأعمال الشيقة إلى اللغة العربية. ثقافة القراءة وعلّق ياسر سليمان على عنوان الجلسة بأنه مشاكس ومراوغ في آن، واتفق مع شوشة في أن الصحافة المكتوبة زاخرة باللغة العربية المعاصرة التي لو تواجدت لنا ثقافة القراءة لكانت مفتاحا من مفاتيح حل مشكلة اللغة العربية، المشكلة لا تتمثل في عدم تواجد نماذج للصحافة المكتوبة للغة صحيحة وجميلة في كثير من الأحيان إنما المشكلة أن هذه الصحافة المكتوبة لا تقرأ بتمعن وبالجدية اللغوية التي ننشدها، رغم ذلك فهناك إحساس عند الجميع بأن اللغة العربية في خطر وأنها تتعرض لهجمات كثيرة من الداخل والخارج، وأنها في مذبحة. وأكدت فاطمة البريكي، أنها لا تنكر ما تعرضت له اللغة العربية من تحديات، لكنها دعت إلى التفاؤل باعتباره بادرة ايجابية أن نمضي في هذا الطريق، وقالت لدينا الكثير من الآمال والطموحات. وذكرت أن الأطفال يعرفون اللغة العربية من خلال بعض البرامج المدبّلجة باللغة العربية الفصحى، وكثير من القنوات التي انتشرت مؤخرا تتحدث بلهجتها المحلية فأصبح أطفالنا لا يتحدثون بلغتنا المحلية ولا العربية الفصحى بل بهذه اللهجات التي تلقوها من التلفاز. دافوس اللغة العربية وفي معرض تعليقه على عنوان الجلسة، قال د. زياد الدريس لست متحفظاً على عنوان "مذبحة الضاد" لو جاء قبل 10 سنوات، لكن اعتقد أن الضاد لا تشهد اليوم مذبحة بل انتعاشاً، وقال إن الإعلام الجديد الذي كان شريكاً في بداياته في المذبحة قبل خمس سنوات باستخدام ما سماه لغة "العربيزي" (أي الخلط بين العربية والإنجليزية) من خلال "البي بي أم" و"الفيسبوك"، وجاء"تويتر" ليقلب الآية حيث أصبح خادماً كبيراً جداً للغة العربية، وأصبح شريكاً للإعلام التقليدي في إنعاش اللغة العربية. وعن جهود اليونيسكو تجاه اللغة، تحدث الدريس عن تخصيص يوم 18 ديسمبر من كل عام يوما للغة العربية. وقد حظيت الجلسة بتفاعل كبير من الحضور ومتابعة واسعة من جمهور "تويتر.